اقتصادتتمات الاولى

جزماتي: سعر الذهب المرتفع محلياً لم يتناسب مع العالمية المتراجعة نتيجة العرض والطلب

الفائدة البنكية عالمياً وتذبذب سعري الصرف والنفط يتحكمان بالأسعار أيضاً

دمشق– سامر حلاس

لم تتواكب أسعار الذهب محلياً مع سعره عالمياً، وظلّ مؤشره صاعداً أو مستقراً عند مستوياته العليا، رغم الهبوط الحاد الذي تعرّض له المعدن الأصفر في مراكز بورصات الذهب العالمية، وارتفع لدينا عيار 21– على سبيل المثال- بمقدار 450 ليرة سورية خلال الشهر الجاري، من 6250 ليرة إلى 6700 ليرة أمس.
كانت جميع تنبؤات مؤسسة “جي بي مورجان” الاقتصادية العالمية تصدق ويتراجع سعر أوقية الذهب في نهاية العام الحالي إلى نحو 1.263 دولاراً من 1.150 دولاراً العام الماضي، ويحدث ما توقعته مؤسسة “جولدمان ساكس”، وتتعرض أسعار الذهب لخسارة حادة بمعدل 15%، واستند غالبية المراقبين في توقعاتهم على توقعات بتعافي الاقتصاد العالمي، وهو عامل مهم يسهم في تلاشي جاذبية الذهب كبديل للدولار والعقارات والأسهم أو السندات.

بيانات متضاربة
وخلاف هذه البيانات المتفائلة بتدني الأسعار، شهدنا ارتفاعات متتالية من 5800 ليرة لعيار /21/ -وهو مثالنا المطروح آنفاً– إلى 6700 ليرة، لنجد أنفسنا أمام تساؤلات تطرح ذاتها، وجهت مباشرة إلى رئيس جمعية الصاغة بدمشق غسان جزماتي، وأهمها: لماذا لم ينخفض سعر الذهب محلياً طرداً مع الأسعار العالمية؟ وما هي آليات السوق المتحكمة في التسعيرة، وهل هناك معايير خاصة للتسعير في كل دولة على حده؟.
وبحسب جزماتي، فإن ارتفاع سعر غرام الذهب في السوق المحلية عائد إلى عاملين،  هما عامل ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي، ولا سيما الدولار منه في السوق السوداء المحلية وملامسته لسعر 210 ليرات أمس، واستقرار سعر الذهب النسبي عالمياً وعدم تسجيله ارتفاعات أو انخفاضات بشكل حاد كما كان شأنه في الماضي حيث سجلت الأونصة في آخر سعر لها ضمن البورصات العالمية 1233 دولاراً بانخفاض هامشي مقداره 7 دولارات مقارنة بالأسبوع الماضي.

كميات متداولة
وعن سبب عدم حصول تراجع في أسعارنا المحلية مقارنة مع العالمية وبناء على نظرية النسبة والتناسب، أشار رئيس الجمعية إلى أن إقرار المصارف المركزية في دول أوروبة والولايات المتحدة الأمريكية خفض أسعار الفائدة، يؤدي إلى زيادة الطلب على المعدن الأصفر، وشراء دول كالهند والصين عدة أطنان كاحتياطي دولي، ومدخرات بنكية، يقلّل من الكميات المتداولة في الأسواق العالمية ويزيد من أسعاره، ويتابع قائلاً: “كذلك في أسواقنا المحلية، وفي كل بلد العرض والطلب يحدّدان أسعاراً مختلفة بين دول العالم، لكن يفترض أن تكون متقاربة”، وعلى سبيل المثال، أوضح أن وسطي المبيعات في دمشق وصل إلى 10 كيلو غرامات مسجلة بذلك انخفاضاً مقداره 4 كيلو غرامات يومياً، وأن الطلب الآن بات معكوساً لجهة تراجع مبيعات ذهب الادخار من ليرات وأونصات ذهبية، وزيادة الإقبال على المصوغات الذهبية من أساور وأقراط وأطواق وخواتم، وبالتالي سنلاحظ ارتفاعاً في أسعار هذه الأصناف مقارنة مع دول الجوار، على حدّ تعبير جزماتي.

أكبر خسارة
يُشار إلى أن أسعار الذهب عالمياً تعرضت في العام 2013، لأكبر خسارة سنوية لها منذ أكثر من ثلاثة عقود، إذ تراجعت بنسبة 28% في النصف الأول من العام، والتراجع جاء بعدما أحسّ المستثمرون بأن بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي سيبدأ الحدّ من سياسة التسهيل الكمي، وبالتالي تلاشى أكثر احتمال التضخم وانسحب ذلك على الطلب على الذهب، وبالمقابل هذا الانخفاض تأثر بتراجع أسعار النفط خلال تلك الفترة، إذ تحركت أسعار الذهب بصورة مقاربة لأسعار النفط وثبت هذا الاتجاه خلال 11 شهراً في العام 2013، إلا أن أسعار النفط حقّقت زيادة بنسبة 7% في نهاية 2013 وجاءت معظم هذه الزيادة في الربع الأخير من العام، ومع تذبذب سعر صرف الدولار وبرميل النفط الخام، نظر إلى الذهب على الدوام باعتباره التحوط الأفضل إزاء التضخم، الأمر الذي يفسّر ارتفاع الطلب إلى ذروته خلال فترات عدم اليقين السياسي والاقتصادي.