"تمثال الحرية" يسقط في فيرغسون.. وحلم مارتن كينغ يتحوّل إلى أوهام احتجاجات الغضب في يومها الثاني تمتد إلى 170 مدينة أمريكية
على الرغم من تصدر مقولات انتهاء التمييز العنصري في النظام الأمريكي، بوصول باراك أوباما، أول رئيس أسود إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، إلا أن حادثة مقتل الشاب الأعزل مايكل براون البالغ من العمر 18 عاماً على يد شرطي أبيض، أظهرت أن حلم مارتن لوثر كينغ بتحقيق المساواة والقضاء على العنصرية لم يتحقق، ويثبت بالدليل القاطع أن نار العنصرية مشتعلة في النفوس الأميركية.
فما أن أصدرت هيئة المحلفين قرارها بعدم ملاحقة الشرطي دارين ويلسون قاتل الشاب الأسود، حتى امتلأت شوارع “رافع شعلة الحرية” نيويورك بمئات المتظاهرين، وساروا في شوارع المدينة ضمن تجمعات مختلفة منددين بقرار الهيئة، كذلك احتشد آلاف الأميركيين في شوارع مدن أخرى في العاصمة واشنطن وشيكاغو ولوس أنجلوس وسياتل للتنديد بالعنصرية، وأحصت التلفزة الأميركية 170 مدينة خرجت فيها احتجاجات من هذا النوع.
كثير من المراقبين يرون أن ما يحدث في فيرغسون فضيحة في تاريخ أوباما، خاصة وأن تقارير إعلامية عديدة كشفت استخدام الشرطة أسلحة خاصة بالجيش الأميركي المخالفة للقانون في قمع المظاهرات الغاضبة، وأطلقت قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوت، وفرض حظر التجول لمدة يومين،
كما اعتقلت العديد من الأشخاص في مدينة نيويورك بعد أن تجمع مئات المتظاهرين، وساروا في شوارع المدينة ضمن تجمعات مختلفة.
ما تشهده المدن الأميركية بين حين وآخر هو نسخة عن أواخر أحداث الستينيات، حيث انفجر الغضب الأسود بعد اغتيال لوثر كينغ، فاضطر الرئيس الأميركي ليندون جونسون لنشر نخبة الجيش الفيدرالي في الشوارع، وكانت الخسائر البشرية كبيرة، حيث قتل العشرات وقدرت بملايين الدولارات الخسائر المادية.
فلوريدا عام 1980، وبعد تبرئة ضابط شرطة قتل سائق دراجة نارية اندلعت أعمال شغب سقط خلالها 18 قتيلاً، أما في لوس أنجلوس عام 1992، وبعد تبرئة أربعة ضباط شرطة بيض أطلقوا النار وقتلوا سائق سيارة أسود، ثار غضب الأميركيين الأفارقة، وامتد العنف إلى سان فرانسيسكو وأتلانتا ولاس فيغاس ونيويورك وسقط 59 قتيلاً.
في عهد الرئيس الحالي أوباما اشتعلت نيران العنصرية الكامنة تحت الرماد، فعلى مدار أربعة أيام استشرى العنف في أوهايو عام 2010 على خلفية مقتل شاب أسود أعزل على يد شرطي أبيض، ولم يعد الهدوء إلّا بعد إعلان حال الطوارئ وحظر التجول، وفي عام 2013 دعا أوباما إلى قبول قرار المحكمة وضبط النفس لدى اندلاع مواجهات بعد تبرئة متهم أبيض في قضية مقتل أسود.
الشرطي الأميركي الأبيض القاتل، قال: إن ضميره مرتاح، معتبراً أنه أدى عمله بشكل جيد، وأضاف: في التاسع من آب خفت أن أُقتل، قبل أن أستعمل للمرة الأولى سلاحي وأطلق 12 رصاصة باتجاه الشاب مايكل براون، وتابع: السبب بأن ضميري مرتاح هو أنني قمت بعملي بشكل جيد، ولا أعتقد أن هذا الأمر سوف يقلقني سيبقى شيئاً حصل معي. ورداً على سؤال لمعرفة ما إذا كان قد تصرف بنفس الشيء مع شاب أبيض أجاب الشرطي: نعم .. دون شك، زاعماً أن مايكل براون هجم عليه، وكان يريد أن يقتله.
وبالتزامن مع ما يحدث على الأرض الأمريكية، اندلعت ثورة أخرى في العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت تغريدات على “تويتر” تحت عنوان “الربيع الأمريكي” الذي غلب عليه طابع السخرية، ولقت التغريدة تفاعلاً كبيراً من جانب النشطاء، حيث قال صاحب اسم “ذا بيتر”: كما تدين تدان.. ذوقوا من نفس الكأس يا أمريكا”.
وقال البرلماني السابق المصري محمد أبو حميد: “مظاهرات سلمية في أمريكا شكل ربنا هيكرمنا ونشوف الربيع الأمريكي”، وقال “نوتش”: إن الرئيس الأمريكي فقد شرعيته باستدعائه للحرس الوطني الأمريكي بغية قمع المتظاهرين وفضهم بالقوة، لذا يجب عليه أن يتنحى فوراً، بالإضافة إلى ذلك، كتب ما يدعي اسمه “خنفشاري”: “الربيع الأمريكي ابتدأ، أين قناة الجزيرة مباشر والحدث العربية.
وقد أثار مقتل مايكل براون في آب الماضي الجدل مجدداً حول موقف قوات الأمن والعلاقات العرقية في الولايات المتحدة بعد 22 عاماً على قضية رودني كينغ والاضطرابات التي وقعت في لوس انجلوس إثر تبرئة أربعة شرطيين بيض صوروا وهم ينهالون بالضرب على الرجل الأسود.