معاون وزير الاقتصاد في “تداعيات الحرب الاقتصادية على سورية” الأولوية لإعادة التوازن إلى الاقتصاد الكلي وتحقيق التنافسية وتكامل عمل جميع القطاعات وتشجيع الاستثمارات
رأى الدكتور حيّان سلمان معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أن تداعيات الحرب الاقتصادية على سورية خلال الأزمة الراهنة، والتي انعكست على تراجع المؤشرات الاقتصادية، وأهمها الناتج المحلي الإجمالي، الذي يعبّر عن القيمة المضافة، ويعد أهم مؤشرات النشاط الاقتصادي، إضافة إلى التراجع الكبير في معدّل النمو الاقتصادي في جميع القطاعات، رأى أنها لم تحقق أهدافها ومراميها العدوانية، رغم كل ما حملته من تخريب وتدمير واعتداءات طالت جميع القطاعات ومن حصار وعقوبات جائرة غير مسبوقة، لأن الإصرار كبير على تجاوز تداعيات هذه المؤامرة الكونية على سورية.
وأوضح خلال محاضرة ألقاها في مهرجان الصحفيين الرابع في اللاذقية الذي عقد مؤخراً، أن إعادة الإعمار في سورية بدأت وطنياً بشكل عملي من خلال الإصرار على تجاوز كل تداعيات المؤامرة والعمل لتأمين الموارد الذاتية لتغطية النفقات وإضافة نسبة 5% على الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة وعلى العقارات، مبيّناً أنه وفي نفس المنحى سيتم التوجه لإعادة التوازن إلى الاقتصاد الكلي وزيادة تنافسيته، خاصة أن ما يساعد في هذا هو أن سورية لا تزال من الدول القليلة المديونية، ويتم هذا من خلال توافق الإرادة والإدارة الوطنية على إعادة الإعمار.
يتطلب آلية
سلمان لفت إلى أن ذلك كله يتطلب اعتماد آلية ومنهجية لمواجهة تحديات المستقبل الطبيعية الناجمة عن المؤامرة، ومنها تفعيل عمل كل القطاعات الاقتصادية الوطنية من “عام وخاص ومشترك”، وترسيخ أسس التشاركية بما يحقق المصلحة الوطنية، من خلال مساهمة الجميع في تحقيق التنمية المجتمعية وتفعيل دور المواطن، إذ إن لكل دوره الفعلي في ذلك ومنها سداد الالتزامات المالية من فواتير الهاتف والكهرباء والضرائب.
أما في الحديث عن التوازن الاقتصادي فتبرز أهمية التوجه لإصلاح عمل القطاعات الاقتصادية بشكل عام والحكومي بشكل خاص، وأن تعمل هذه القطاعات على أسس التكامل والانسجام وليس الإزاحة والإلغاء، وعلى قواعد دعم الدولة السورية وتحت العلم السوري وضمن البيت الحكومي وعلى الأرض السورية.
خريطة مكافحة
وهنا وفق سلمان تكمن أهمية وضع خريطة طريق لمكافحة الفساد والهدر والتهرب الضريبي باعتبار أن ذلك فساد وطني وأخلاقي، والتوجه لزيادة إنتاجية العمل والمردودية الزراعية وعائدية الليرة السورية المستثمرة، واعتماد نظام الفوترة مستقبلاً، مشيراً إلى ضرورة العمل على تحميل المسؤولية لكل من ساهم في الإساءة إلى سورية والشعب السوري داخلياً وخارجياً، والمطالبة بتعويض الأضرار من حساباتهم الخاصة من خلال أرصدتهم أو بيع ممتلكاتهم واعتماد الإجراءات القانونية الناظمة والضابطة لهذا الإجراء واعتماد منهجية اقتصادية قائمة على أسس واضحة، تربط السبب والنتيجة والمدخلات والمخرجات وعلى قاعدة الحساب الاقتصادي أي منطق الربح والخسارة.
إعادة رسم
وهنا يقترح معاون الوزير البدء بقطاع البناء والتشييد، وذلك بسبب أهميته للتعويض عن أعمال التدمير التي قامت بها العصابات الإجرامية، خاصة أن تفعيل عمل هذا القطاع يفعّل معه عدداً كبيراً من الورشات والمهن العديدة، إضافة إلى أنه يحدث جبهات عمل تساهم بشكل مباشر في تقليل معدل الفقر عن طريق تخفيض معدل البطالة والإعالة، مع الإشارة إلى أن البطالة هي آفة اجتماعية قبل أن تكون اقتصادية، مشدداً على إعادة رسم السياسة الاقتصادية من قبل فريق متخصص، وربط كل مكوناتها مع بعضها البعض، سواء كان هذا على صعيد المستوى الكلي أو الجزئي، والعمل على تعديل الميزان التجاري من خلال ترشيد المستوردات وزيادة الصادرات وخاصة من السلع المصنّعة ذات القيم المضافة المرتفعة.
أولويات متوازية
ومن الأولويات أيضاً بحسب سلمان إعادة تنظيم المالية العامة للدولة والعمل لتقليل التهرب الضريبي وتوجيه الدعم لمستحقيه، والزيادة المدروسة والمتأنية للقروض الخارجية وتفعيل التعاون مع الدول الصديقة لتأمين حاجة السوق من المواد في الوقت المناسب، والإسراع في الانضمام للمنظمات الدولية والتكتلات الاقتصادية العالمية الداعمة لسورية، خاصة الانضمام للاتحاد الجمركي الذي يضم كلاً من جمهورية روسيا وبيلاروس وكازاخستان ومن ثم للاتحاد الأوراسي، وأيضاً منظمة شنغهاي والبريكس وغيرها، ودعم قطاع الإنتاج المادي وخاصة الزراعة والصناعة وتفعيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وترسيخ عمل العناقيد الصناعية وتطوير المدن الصناعية وإيجاد مدن زراعية متخصصة.
سبر الأسواق
وأكد على ضبط إيقاع السياسة النقدية مع المالية والاستثمارية ودعم الليرة السورية التي تعتبر من مقومات الاستقلال والاستقرر الاقتصادي وتحسين المناخ الاستثماري والعمل لتفعيل الاستثمارات، خاصة الوطنية مع الدول الصديقة، لأن الاستثمارات هي المولد الحقيقي للتنمية العامة الشاملة المستدامة التي تولد عملية التنمية من ذاتها ولذاتها وتفعيل عمل التخطيط الشامل والإقليمي وزيادة التشابكات بينهما، وهذا يساعد في تحويل المزايا النسبية المتاحة إلى مزايا تنافسية، وهذا يتطلب وضع سياسة تجارية لسبر الأسواق الخارجية ومعرفة متطلباتها وزيادة المستوى التنافسي للمنتجات السورية.
اللاذقية– م. ح