اقتصاد

مخاوف من دخوله مجدداً في غيبوبة بعد اصطدامه بمعوقات أبرزها نقص المحطات المؤتمتة

بعد محاولة الحكومة تفعيل نظام البطاقة الذكية الخاصة بتعبئة وقود الآليات الحكومية الذي دخل مرحلة الغيبوبة لمدة أربع سنوات، برزت العديد من الإشكاليات والمعوقات التي يتمحور مجملها حول ضعف البنية التحتية لنظام كفيل بترشيد الاستهلاك وضغط النفقات، وإيجاد آليات جديدة من شأنها تحقيق الوفر باستهلاك الوقود المخصّص للآليات الحكومية، ما يثير هواجس من دخوله غيبوبة جديدة قد لا يصحو منها أبداً!.

تراخٍ
معوقات كشفت مدى تراخي التعاطي الحكومي مع الحدّ من الهدر، وعدم التعامل بجدية لنجاح هذا النظام الذي تحول حسب وصف البعض إلى (نظام يكافح الهدر على حساب المتعاملين به)، ولعلّ أبرز هذه المعوقات قلة عدد المحطات المؤتمتة في مدينة دمشق والبالغة سبع محطات، خمس منها تحتوي على مادة البنزين، واثنتان تحتويان على مادتي البنزين والمازوت، كما أن وجود محطتين مؤتمتتين فقط في كل محافظة غير كاف، إضافة لعدم وجود محطات مؤتمتة على طرقات السفر باستثناء محطة المجد (بانياس).

مزاجية
ومن الملاحظات والإشكاليات التي وردت من قبل الجهات العامة إلى مكتب شؤون الآليات والمركبات الحكومية والتي حصلت “البعث”على نسخة موثقة منها، تدني مستوى الخدمات (كهرباء– شبكة– الإشعارات– بكرات الورق) الناتجة عن ضعف في الخدمات أو مزاجية عمال المحطات من عمال الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات) وعمال بعض المحطات الخاصة المتعاملة مع البطاقة الذكية، فضلاً عن حصول ازدحام في محطات الوقود المؤتمتة نظراً لوجود مضخة واحدة مؤتمتة في المحطة، وتداخل الممرات المخصصة للسيارات الحكومية مع ممرات المضخات الأخرى المخصصة لتعبئة السيارات الخاصة، إضافة إلى التأخير في التسليم وشحن البطاقات بداية كل شهر، والتأخير في المطابقة مع الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية، ناهيكم عن عدم توفر المحروقات بشكل دائم وخصوصاً المازوت وأحياناً توفرها في المضخات الخاصة وعدم توفرها في مضخات البطاقة الذكية في المحطة نفسها.
وشددت بعض الملاحظات على ضرورة ربط البطاقة الذكية بالسيارة الخاصة بها ككود خاص، وذلك عن طريق تركيب حساس على مدخل خزان الوقود للسيارة الحكومية، حيث يمكن حالياً أن تتم تعبئة الوقود عن طريق البطاقة الذكية في أية سيارة كانت خاصة أو حكومية.

احتيال
ومن الملاحظات أيضاً بقاء كميات من الوقود المدفوع ثمنه بموجب إشعار لدى شركة (محروقات) غير المشحونة على البطاقة الذكية، وذلك بحجة انتهاء الشهر، علماً أن التأخير سببه الشركة، وكذلك عدم معالجة موضوع تأمين الوقود اللازم للسيارات الحكومية العاملة وفق نظام البطاقة الذكية المكلفة بمهمات سفر ضمن المحور المؤتمت بالشكل المناسب، إلى جانب وجود جهات مثل وزارة العدل تحتال على نظام البطاقة الذكية ولا تقوم بشحن بطاقات السيارات لديها، ولا تزال تعمل بالقسائم مخالفة بذلك تعليمات رئاسة مجلس الوزراء.

مُلفت!
وعلمت “البعث” من مصادر مطلعة أن هذه الملاحظات هي قيد الدراسة في أروقة مجلس الوزراء، وأن هناك بعض المقترحات لتلافي ما يعتري تفعيل نظام البطاقة الذكية من إشكاليات أفرغته من مضمونه، بحيث يصبح أكثر فاعلية وجدوى، لكن الملفت في هذه الملاحظات غياب مقترح حول زيادة عدد المحطات المؤتمتة، علماً أنها تتصدر قائمة الملاحظات التي أوردتها الجهات العامة، ونعتقد أنه من السهل على رئاسة الوزراء إصدار قرار يلزم المحطات بتركيب الجهاز الخاص بالبطاقة إن كانت فعلاً تدأب على مكافحة الهدر، فمن غير المعقول أن يقطع المستفيد مسافات تصل إلى نحو 20 كم في بعض المحافظات للحصول على 20 ليتراً من البنزين على سبيل المثال؟!.

قيد الدراسة
بالعودة إلى الملاحظات التي لاتزال قيد الدراسة، فيتصدرها اعتماد محطات الاستهلاك الذاتي وذلك لضمان عدم تسرب المادة المدعومة إلى السوق السوداء، مما يؤدي إلى شح بالمادة وعدم جاهزية أسطول الآليات الحكومية لاسيما سيارات النقل والمبيت، بحيث تؤول عائدية محطات الاستهلاك الذاتي المختارة إلى شركة (محروقات) وتكون مخصصة فقط لتعبئة الآليات والمركبات الحكومية عن طريق البطاقة الذكية، ومن المقترحات أيضاً فصل الخزانات (بنزين– مازوت) في المحطات الحالية المؤتمتة، بحيث تكون المادة المدعومة الموضوعة في هذه الخزانات مخصصة فقط للآليات والمركبات الحكومية، وذلك حتى لا يتم بيعها لغير الآليات والمركبات الحكومية، وتوجيه شركة (محروقات) بالتنفيذ الفوري لكتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 12843/1 المتضمن نقل المحطات المؤتمتة إلى السور الخارجي للمحطة لتجنب تداخل السيارات الحكومية مع الخاصة، وتوجيه (محروقات) أيضاً بإلزام الشركة المؤتمتة (التي تعاقدت معها) بتركيب الحساسات على السيارات الحكومية بالسرعة القصوى، وذلك منعاً للتلاعب وسرقة البنزين والمازوت المخصص للآليات الحكومية، وطباعة بطاقات ماستر لزوم المهمات والسفر، حيث إن هذه البطاقات تعبأ بكمية 200– 400 ليتر وقود حسب حاجة العمل وتستعمل فقط في حال المهمات ويصدق عليها مدير الآليات أصولاً.

مراقبة
ومن المقترحات أيضاً مخاطبة الشركة المؤتمتة بضرورة تأمين نقطة مراقبة في الإدارات المركزية لكل وزارة لتتبع تعبئة الآليات لديهم بشكل دائم، وتسجيل التعبئات الشاذة الحاصلة ومعاقبة المسؤولين عن هذه التعبئات، وكذلك نقطة مراقبة لدى مكتب شؤون الآليات والمركبات الحكومية ليتمكن من تنفيذ كتاب رئاسة مجلس الوزراء المتضمن فرض العقوبات الرادعة بحق العاملين في الجهات العامة الذين أساؤوا تطبيق نظام البطاقة الذكية، ولاسيما الاستجرار غير النظامي أو بيع بطاقات البنزين المخصصة وذلك في ضوء البيانات المعدة من قبل المكتب، إلى جانب معالجة الاستهلاك الذاتي بالسرعة الكلية لما له من تأثير على مكافحة الهدر والحد من التعبئات الشاذة وممارسات أصحاب النفوس الضعيفة في المحطات الحكومية التابعة لشركة (محروقات) وبعض المحطات الخاصة، ومعاقبة المسؤولين عن الاحتيال في تطبيق نظام البطاقة الذكية في جميع الوزارات والجهات العامة.
دمشق– حسن النابلسي