عودة الري الحديث أولوية زراعية تفرضها التحدّيات الإنتاجية والمتغيرات المناخية
قفزت إلى واجهة الاهتمام العودة المنتظرة لمشروع التحوّل إلى الري الحديث والإقلاع مجدّداً بالمشروع لاستكمال المساحات المتاحة المتبقية، وقد تجدّد طرح هذا الموضوع هذه الأيام في المؤتمرات الحزبية والفلاحية والنقابية واللقاءات الزراعية للمطالبة باستكمال المساحات المشمولة في خطة المشروع على مستوى مديرية المشروع الوطني للتحوّل إلى الري الحديث، وكان بالإمكان التخفيف نسبياً من أثر المتغيرات المناخية من خلال تطبيق الري الحديث الذي يحدّ من هدر المياه ويسهم في ترشيدها، ومن المعروف أنه كان مخططاً على مستوى القطر الوصول إلى مساحة (1,2) مليون هكتار منذ انطلاقته في عام (2007) بأهداف استرتيجية أهمها على الإطلاق الحدّ من هدر (50%) من الفاقد المائي الناجم عن الري التقليدي وتوفير استهلاك الطاقة التقليدية ذات التكلفة العالية وتخفيض تكاليف الإنتاج الزراعي، وأهداف عدة لاتقل أهمية عن سابقاتها اقتصادياً وإنتاجياً وبيئياً في ظل المتغيرات المناخية والاقتصادية والسعرية، ولهذا كله لا يمكن إغفال آثار تراجع دعم مشروع التحول للري الحديث على زراعتنا في ظل مجمل هذه المتغيرات المناخية الراهنة لأسباب عديدة تتصل بالتمويل والإجراءات وتعميم ثقافة ترشيد الموارد المائية والتوجّه نحو إعادة النظر في هيكلية المشروع وآلية عمله وظروف الأزمة الراهنة، ما جعل المساحات المنفذة المشمولة به دون الطموح نظراً إلى المعيقات التي تعترض خطة التوسع بمساحات الري الحديث، وذلك رغم الكثير من التسهيلات التي تمّ منحها للمزارعين بعد حزمة قوانين وتشريعات وقرارات طالت التمويل والملكية وآلية إنجاز المعاملات والأضابير وغيرها.
وفي المقابل هناك العديد من الصعوبات التي حالت دون التوسع بالمساحات المخطط لها على مستوى المشروع حسب التقارير التخطيطية والإحصائية الزراعية ومناقشات المؤتمرات الفلاحية، وهذه الصعوبات حالت دون وصول شبكات الري الحديث إلى أوسع المساحات، ومنها تراجع التمويل والإقراض وعدم الاستمرار في دعم المشروع وتأمين مستلزماته، وأيضاً هناك صعوبات تتعلق بعدم توفر الضغط والغزارة أثناء موسم الري وتباعد فتحات السقاية عن البساتين والحقول ما زاد من كلفة الشبكة، وهناك صعوبات قانونية كالملكيات على الشيوع وصغر الحيازات الزراعية وتشتتها ووجود المدرجات والمنحدرات والطبيعة التضريسية لبعض الأراضي ما يزيد كلفة الشبكة، وعدم تمويل الخزانات والبرك من قرض المشروع ووجود إشارة استملاك سياحي ووجود مشكلات تتعلق بالإرث والملكية.
اللاذقية – مروان حويجة