اقتصاد

متوالية لا تنتهي..!

يقال: إن أحد الملوك قرر مكافأة مخترع لعبة الشطرنج فجعل له الخيار مفتوحاً ليحدد نوع المكافأة التي يريد، فقال مخترع اللعبة: أريد عدداً من حبات القمح يحدّدها تضاعف مربّعات رقعة اللعبة، بمعنى أن يتم وضع حبة واحدة في المربع الأول ويكون في الثاني ضعف الأول لتصبح الكمية حبتين، وفي الثالث أربعة، لتصل الكمية في الرابع إلى ثماني حبات وهكذا إلى المربع الأخير. استسخف الملك –للوهلة الأولى- طلب المخترع لدرجة أنه قرر قطع رأسه ظناً منه أنه يسخر من عطائه، لكن المخترع هدّأ من روع الملك وطلب منه حساب الكمية، وكانت المفاجأة أنها متوالية حسابية ينتج عنها رقم هائل تعجز مملكته عن تأمينه لخمسة مواسم قادمة!.
سردنا هذه القصة لنبيّن خطورة الهوامش البسيطة لارتفاع أسعار معظم المواد والسلع وانعكاسها على المواطن المتصاعدة بين الفينة والأخرى تحت ذريعة ارتفاع سعر الصرف، كهامش ارتفاع الكغ الواحد من الرز -على سبيل المثال لا الحصر- بحدود 5 – 10 ليرات سورية، والولاعة 5 ليرات، وعلبة الطون 5- 10 ليرات، والحلاوة كذلك الأمر….الخ.
قد يقول قائل (وخاصة المستفيدين): مبلغ 5 أو 10 أو حتى 25 ليرة للسلعة وخاصة تلك غير اليومية لن يؤثر في المستهلك، فمن المعيب أن نتكلم في هذا الأمر أو أن نقدّم شكوى بحق المخالف!.
لكن في حقيقة الأمر نؤكد أنها متوالية حسابية أشبه ما تكون بالقصة التي أوردناها آنفاً، حيث سيجد المستهلك في نهاية المطاف أن هذا الهامش البسيط سيزيد من أعبائه المالية بنسبة تزيد على 35% من دخله، هذا فيما يخص الارتفاعات البسيطة التي لا تذكر حسب وصف بعضهم، أما الارتفاعات الكبيرة لبعض السلع الأساسية مثل البيض واللحوم بجميع أنواعها، فإن النسبة المطلوبة من الدخل لتغطية هذه الارتفاعات قد تصل إلى 50% أو أكثر، فضلاً عن الارتفاعات الجنونية في السوق السوداء وخاصة أسعار الغاز (2500 – 3000 ل.س للأسطوانة) والمازوت (125 – 150 ل.س لليتر)، ورغم ذلك لا يكاد يحصل عليهما في ظل تسيّب من الجهات المعنية ما أفسح المجال أمام تجار الأزمات!.
هذا يعني في نهاية المطاف أن على المواطن السوري العمل نحو 18 ساعة يومياً حتى يستطيع تأمين حاجاته الأساسية اليومية، أما في مواسم الأعياد والمناسبات وافتتاح المدارس فعليه ألا ينام أبداً وأن يصل الليل بالنهار، يعمل ويكدّ حتى يرضي ويشبع أطماع المستفيدين وضعاف النفوس من التجار والمتواطئين معهم من جهاتنا الحكومية.
حسن النابلسي
Hasanla@yahoo.com