واشنطن موّلت "داعش" والدعم الخارجي له يتصاعد موسكو: الحكومة السورية تتحمل العبء الأكبر في محاربة الإرهاب
لو كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها وأتباعها مخلصة في مكافحة الإرهاب للجأت إلى مجلس الأمن لتفويضها بذلك، ولما استثنت دولاً هامة في المنطقة، مثل سورية، التي تحارب “داعش” على الأرض وفي الجو، ولما استثنت إيران وروسيا، ومن يعتقد أن الغارات الجوية ستقضي على تنظيم “داعش” واهم، لسبب بسيط أن عدد قتلى “داعش” و”جبهة النصرة” خلال يومين على أيدي بواسل قواتنا فاق عدد قتلى الألف غارة جوية التي قام بها التحالف ضد داعش.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الحكومة السورية تتحمل العبء الأكبر في محاربة الإرهاب، الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط، وأشار المتحدث باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفيتش، في مؤتمر صحفي دوري، إلى أنه بعد 80 يوماً من بدء غارات “التحالف”، الذي تقوده واشنطن ضد الإرهاب دون تفويض من مجلس الأمن الدولي ودون موافقة الحكومة السورية، فإن النتائج متواضعة.
وقال لوكاشيفيتش: إن تنظيم “داعش” الإرهابي يفرض قوانينه في الأماكن التي ينتشر فيها، في حين ينشر المروّجون له فقاعات حول قدرته على ما يسمونه “حرب الكفار”، المتمثلين بالغرب والأطراف الإقليمية المشاركة له، لافتاً إلى أن التنظيم الإرهابي قام بتعديلات على أنظمة التعليم في سورية، وحذف مادتي الفيزياء والكيمياء في الأماكن التي ينتشر فيها، وشدد على أن من العواقب السلبية للأعمال غير القانونية للتحالف كانت الوصول إلى عدم احترام سيادة الدول، ومنها سورية، حيث قامت الطائرات الإسرائيلية بالإغارة على أهداف قرب دمشق.
إلى ذلك، أكد رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يكثفون دعمهم للتنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية بهدف تغيير الحكومة الشرعية فيها، وأشار خلال لقائه الملحقين العسكريين في السفارات المعتمدة في روسيا في موسكو إلى أن حجم الدعم الخارجي للتنظيمات المسلحة في سورية يزداد باستمرار ويتصاعد الضغط السياسي والإعلامي الدولي على القيادة السورية، ويجري اتخاذ خطوات نحو تصعيد الأزمة في هذا البلد، وقال: بحسب معلوماتنا فإن تنظيم “داعش”، الذي يتواجد في العراق وسورية، يضم في صفوفه نحو 70 ألف مسلح من مختلف الجنسيات، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة موّلت هذا التنظيم لقتال الجيش العربي السوري.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلن في وقت سابق أنه لا توجد بؤرة توتر واحدة في العالم إلا وفيها تواجد عسكري أمريكي، مضيفاً: إنه بعد انتهاء “جلب الديمقراطية” لهذه البلدان تتحول إلى مناطق فوضى دموية.
وفي نيويورك، دعا غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، مشيراً إلى أن ما يجري في سورية لا يشبه منطق أهلها والأيديولوجية التي تربى عليها السوريون، وقال، في مؤتمر صحفي بالأمم المتحدة بعد اجتماعات عقدها مع نائب الأمين العام جان الياسون وبعض المسؤولين الأمميين كان ختامها مع سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في مقر البعثة الروسية: إنه سمع بعد اجتماعه بالمسؤولين الأمميين تطمينات ووعوداً بالمساعدة على حل الأزمة في سورية، معرباً عن أمله في أن تكون هذه الأقوال مقرونة بالأفعال، واللجوء إلى العقل والحكمة لحل القضايا، لأنه ليس من مصلحة أحد أن تدمر الأوطان ويهجّر الناس، وتساءل: من أين يحصل تنظيم داعش الإرهابي على المال والسلاح، ومن وراء هذا التنظيم الأصولي التكفيري؟!، محذّراً الجهات التي تدعم هذا التنظيم من أنه سيأتي يوم وينقلب عليهم ويوجه سلاحه إليهم، وشدد على أن الإسلام الحقيقي المؤمن يرفض التنظيمات التكفيرية.
وقال: إن المسيحيين والمسلمين يشكلون مع بعضهم عائلة روحية واحدة، ولا يمكن لأحد أن يتصوّر الشرق من دون المسيحيين، مؤكداً أن رسالة المسيحيين في الشرق هي رسالة سلام، لافتاً إلى أن دعوة وجهت إليه من جامعة الأزهر للمشاركة في مؤتمر حول التطرف، وأنه أوفد أحد المطارنة لتمثيل الطائفة الأرثوذكسية لأنه لم يتمكن من الحضور بسبب وجوده في الولايات المتحدة، وأعرب عن استغرابه من صمت الدول حيال المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي اللذين، اختطفتهما التنظيمات الإرهابية في ريف حلب، ومن صمت من يدعون بالدفاع عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، كما شدد على أهمية العيش المشترك وقبول الآخر لبناء أوطان آمنة تعيش بسلام.