الاستملاك يكبح جماح التنمية الزراعية ويطول دون مبرر مساحات واسعة تحت الاستثمار الصوري المؤجّل
لا تزال إشارات الاستملاك تجثم على مساحات زراعية واسعة في محافظة اللاذقية، وتجمّد تنميتها ولا يكاد هذا الاستملاك يغيب عن أي اجتماع أو مجلس فلاحي وزراعي لأنه معضلة بكل المقاييس الاستثمارية والعقارية والإنتاجية.
الغريب في الأمر أن معظم إشارات الاستملاك مضى عليها عقود دون تطبيق الغاية التي جاء لأجلها الاستملاك سواء بمحاذاة الشاطئ (سياحياً)، أم بجوار حرم السدود (استملاك ري واستصلاح)، أو استملاك لمشروعات لم تبصر النور، ومع هذا كله لم تتزحزح هذه الإشارة ولا تزال تشكل هاجساً يؤرق المزارعين الذين يجمعون أن الاستملاك مشكلة أراضي اللاذقية الزراعية.
رغم الكثير من الوعود بحل هذه القضية العالقة التي تلقوها من وزارات الزراعة، والإسكان، والسياحة، إلا أن ساكناً لم يُحرّك بعد على حساب تخوّف المزارعين من تطوير وتوسيع إنتاجهم الزراعي، وارتيابهم من تكبدهم خسارة محتملة بسبب تنفيذ الاستملاك، وهذه خسارة اقتصادية وإنتاجية كبيرة، ويكفي أن نشير هنا إلى أن محافظة اللاذقية من خلال مجلسها وضعت مذكرة متكاملة وجّهتها إلى وزارة السياحة تناولت آليات المعالجة المقترحة لقضية استملاك الشريط الساحلي، وأولويات هذه المعالجة المؤجّلة منذ ربع قرن، لكن لم يتم اتخاذ أية خطوة إجرائية على أرض الواقع، ما انعكس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة.
ويترقب الكثير من ممثلي الفعاليات السياحية والمحلية والزراعية بمن فيهم الاقتصاديون، أن تنظر وزارة السياحة بجدية كبيرة وبفاعلية، في المذكرة المقدّمة لها من محافظة اللاذقية، ولاسيما أن الدراسة جاءت حصيلة لقاءات واجتماعات عمل مكثّفة أحاطت بالتصوّرات القديمة الجديدة، والرؤى والأفكار التي تقاطعت خلال سنوات متتابعة من المناقشات والحوارات، عكست الواقع المجرّد للمعاناة من خلال الفلاحين أنفسهم لكونهم المتضرّرين المباشرين من الاستملاك السياحي الجائر، ومن ثمّ أصحاب المنازل والعقارات والمنشآت التي تشغّل الأيدي العاملة، وتضخ إنتاجها في السوق المحلية، وتساهم قبل كل شيء في استثمار مساحات من الأراضي منذ سنوات، أي إن المتر المربع الواحد له جدواه ومردوده عبر تلك الفترة الزمنية الطويلة.
تشير محافظة اللاذقية في مذكرتها حول الاستملاك السياحي إلى عدة حلول وإجراءات مقترحة، وفي مقدمتها إلغاء الاستملاك السياحي السابق بالكامل عن العقارات ما عدا المتعاقد عليها أو المنفذة، وإصدار مرسوم استملاك جديد وفق الحاجة الفعلية لوزارة السياحة، مع مراعاة الأراضي الخاصة وفق ميزان الأراضي لدعم محصول الحمضيات الاستراتيجي بالمحافظة، ومراعاة التجمعات السكانية وبأسعار عادلة ووقف نقل ملكيات العقارات المستملكة حتى البت بموضوع الاستملاك بشكل كامل.
اللاذقية – مروان حويجة