خلافات عميقة بين أطراف مشروع التأمين الصحي.. مليارات الليرات صرفت والنتائج غير واضحة
طفت مشكلات التأمين الصحي في المؤتمر الذي عقد مؤخراً في دمشق على السطح، حيث طالت الاتهامات جميع القائمين على هذا المشروع بدءاً من نقابة الأطباء والصيادلة مروراً بالمستشفيات وشركات التأمين وانتهاء بالمؤسسة السورية للتأمين.بعض أطراف مشروع التأمين الصحي علل هذه المشكلات بقصر عمر المشروع الذي كانت بدايته في عام 2010 أي منذ خمس سنوات تضمّنتها سنوات الأزمة والمتغيّرات التي عرقلت 60% من مسار المشروع وبسببها لم يعُد يتناسب قانونه الضابط لتأميننا الصحي مع الواقع الحالي.
المشكلات المالية
بلغ عدد المؤمّن عليهم في القطاع الحكومي 550 ألف شخص، أما في القطاع الخاص فقد بلغ عددهم 90 ألف شخص ليصبح العدد 640 ألف مؤمّن عليه تقريباً، ولعل أهم المشكلات التي تواجه هذا المشروع هي قيمة بوليصة التأمين الصحي التي تبلغ 8000 ليرة والتي لم تعُد اليوم كافية لتغطية النفقات، لأن المبلغ تتقاسمه النقابات بنسبة 10% وتحصل شركة التأمين على 30%، ويعود على شركة إدارة النفقات الطبية بنسبة 40%، وهناك تكاليف المشفى وغيرها، وبذلك فإن هذا المبلغ لم يعد كافياً وخاصة بعد ارتفاع الأسعار إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في السابق، أي إن الأجور لم تعُد مقبولة للكثير من الأطباء الذين هم بدورهم غير مسرورين منها.
تصنيف المشافي
ترى بعض شركات التأمين أن مشروع التأمين الصحي يحتاج إلى تصنيف للمشافي من وزارة الصحة التي تجاهلت هذا المطلب سنوات، وخاصة أن هناك العديد من المشافي التي لا تخضع لشروط صحية من حيث البناء أو المكان، كالمشافي التي تتخذ في الأبنية السكنية طابقاً لتصنع منه مستشفى، وهناك بعض المستشفيات لا تملك الأجهزة والمعدات الكاملة لإدارة مشفى بخدمات متعددة، وقد اقترح بعضهم في هذا الشأن تحويلها إلى مشافٍ تخصصية، لأنها غير قادرة على استيعاب جميع الحالات المرضية، ولا يمكن أن تقارن تلك المستشفيات بغيرها من المستشفيات التي تمتلك جميع المقومات من الأجهزة والكوادر الطبية والإدارية، إضافة إلى قدرتها على استيعاب جميع الحالات المرضية.
إدارة النفقات
كما يفتقد مشروع التأمين ما يسمّى إدارة المشافي التي يجب أن تتولى ملف المريض من الخطوة الأولى حتى انتهاء علاجه، وهذه الإدارة يمكن لها أن تضبط عمليات التلاعب العديدة التي يقوم بها بعض الأطراف من أجل الاستفادة من الفاتورة، كالتلاعب بالتحاليل والأشعة وغيرها من التكاليف التي قد تكون غير مطلوبة من المريض ولا يحتاج إليها، لكنها فقط تضاف إلى الفواتير، إضافة إلى الأيام التي يقضيها المريض في المشفى، وإذا ما كانت حالته تستدعي البقاء أم لا، أو إخضاع الطبيب مريضاً لعملية لا يحتاج إليها، وهذا التلاعب وغيره يجري كثيراً في عمليات الولادة، إذ يتم إخضاع المريضة لعملية قيصرية رغم أنها طبيعية وذلك فقط من أجل الحصول على أجر مضاعف، الأمر الذي يتم من خلاله التلاعب والإساءة إلى مشروع التأمين الصحي بالكامل.
نشر التوعية
لم تزل تجربة التأمين الصحي التي صرف عليها إلى الآن المليارات، في بدايتها أي إنها تحتاج إلى الوقت لتتبلور في شكلها النهائي وقد تكون التوعية من أهم الخطوات التي يجب أن ترافق هذا المشروع، فالمؤمّن عليه يجب أن يعلم جيداً ما هي حقوقه وواجباته بالكامل، إذ إن التوعية لجميع أطراف المشروع وتحديد المهمات والواجبات الملقاة عليهم والالتزام بها، أمر غاية في الأهمية وذلك يتم من خلال المؤسسات والجهات المعنية بمشروع التأمين.
ثغرات أخرى
الدكتور نبيل الحنيدي المدير العام لشركة “غلوب مد” أكد لـ”البعث” أنه تم الاتفاق على تحديد موعد لإقامة ورشة عمل تضم جميع الأطراف لطرح المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها، كما أكد أن هناك العديد من الثغرات في مشروع التأمين الصحي التي لا يمكن تلافيها إلا في حال كانت هناك رغبة حقيقية وجدية من الجميع في النهوض بهذا المشروع.
وأكد أن الشركات لم يكن لديها أي خلافات مع المؤمّن عليهم في الخاص والمشكلات محصورة بالجهات التابعة للقطاع العام، حيث تظهر هناك العديد من التجاوزات والتلاعب، مبيّناً رفض فكرة العقاب التي اقترحها بعضهم لأن التجربة ما زالت في بدايتها، ومفضّلاً وجوب التوجيه والتنبيه للأخطاء الموجودة، وكشف عن عدم اتخاذ آلية موحّدة بين شركات التأمين لتنفيذ هذا المشروع وسعيها في المقام الأول إلى الحصول على المكاسب المادية.
وأضاف الحنيدي: إن المشروع يحتاج إلى وضع بروتوكولات طبية في حالات تشخيص المرض وعلاج الأمراض البسيطة، بالإضافة إلى أن المشروع يفتقر إلى إدخال العائلات ضمن التأمين الصحي، أي باقي أفراد المؤمّن له.
دمشق – ميادة حسن