اقتصاد

نقطة ساخنة قدرات (مِسْتِر X) الخفية..!

لنتعرّف بداية على بطل الفساد في بلادنا وهو مستر “X” الذي لا يتوانى عن تعطيل أي جهد كفيل بتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، ويعرقل أي تنسيق بين جهاتنا الحكومية يصبّ في بوتقة المصلحة العامة، ويجيّر أي عمل تنموي لمصلحته أو يدخل شريكاً فيه ووو…الخ.
من مهارات وقدرات بطلنا هذا أنه يظهر ويختفي بين الفينة والأخرى دون أن يترك له أي دليل يساعد على تتبّعه أو تقفّي أثره!.
يبدو أن المستر”X” بات هو بطل من أبطال مناخات الأزمة، لكونها تعجّ بفوضى عارمة عنوانها الرئيس غياب الأجهزة الرقابية، فلا يتوانى عن الظهور بأي مناسبة تخدم مصلحته، مع فارق جوهري عن بقية المراحل السابقة يتمثل بارتفاع مستوى احترافه، وازدياد قدراته الخفية، وصقل مهاراته السحرية، وتوسيع شبكة علاقاته المشبوهة، وامتلاكه دراية أكبر بالقوانين والأنظمة النافذة، حيث يسخّرها لمآربه المريبة عبر تحويرها، لتظهر بشكل أو بآخر بأنها قانونية ولا تشوبها أية شائبة!.
من خلال متابعتنا اليومية لسيرورة العمل الحكومي نفاجأ بكمّ المبادرات الإيجابية من بعض الغيورين على المصلحة العامة، إلا أنها تصطدم بعقبات غالباً ما تثار حولها الشكوك، وإليكم بعضاً مما في جعبتنا من هذه المبادرات:
قدّم أحد المديرين المركزيين لوزير إحدى وزاراتنا ذات الصلة الوطيدة بالشأن الاقتصادي في أول اجتماع له مع كادر الوزارة، تقريراً مفصّلاً حول التجاوزات والمخالفات التي أثقلت كاهل الوزارة عبر سنوات خلت، ووعده الوزير بجلسة خاصة لمناقشة الوضع بالتفصيل ووضع رؤية مستقبلية لإصلاح أحوال الوزارة، وبعد مرور فترة من الزمن على وعد الوزير قدّم المدير طلباً للمقابلة ظناً منه أن سيادته يمتحن مدى جدية طرحه، لكنه أصيب بخيبة أمل بعدم رجع صدى ما تقدّم به، فاعتبر أن التقصير ناجم عن مدير مكتبه، فكرّر المحاولة أكثر من مرة ولكن دون جدوى تذكر!.
مدير آخر قدّم مشروعاً لتطوير مديريته وفتح آفاق جديدة تمكّنها من استقطاب تعاون المنظمات الدولية والعربية، رفضه وزيره جملةً وتفصيلاً ولدى إصراره على مناقشة الوزير بمدى فاعليته في تطبيقه وافق الوزير على تنفيذ ما نسبته 50% منه، وكانت النتيجة صحة رؤية المدير لكونه يعرف تماماً حيثيات عمله الفنية والإدارية وما تتطلبه من أدوات ومبادرات للنهوض به إلى المراتب المتقدّمة لتحقيق الأهداف المرجوّة.
ما سبق يظهر سطوة مستر “X” ومقدرته الفائقة على تعطيل أي مشروع إصلاحي، علماً أن من يسبر أغوار مؤسساتنا وجهاتنا العامة يفاجأ بزخم الأفكار الجديدة لدى موظفي معظم مفاصلها، ولدى سؤالهم عن عدم تطبيقها أو الاستئناس بها على أقل تقدير، تكون الأجوبة التي اعتدنا سماعها: صعوبة مقابلة الوزير أو المدير العام لأن مدير مكتبه يشكل ترساً حصيناً بيننا وبينه، أو لأن ما قُدّم من أفكار لم يرُق لمعاونه الذي وضع مسوّدة المشروع في غياهب أدراجه، أو أن الفكرة وصلت إلى رأس الهرم فحوّلها إلى مدير إحدى الدوائر غير المختصة للنظر وإبداء الرأي أو المعالجة، ويكون الردّ بعدم الموافقة أو التريّث حتى إشعار آخر…الخ.
وختاماً نعتقد أن الجواب الصحيح لسؤالنا يكمن بالتحركات الخفية لبطلنا، التي نجزم أن شلّها لا يتطلب سوى محاصرة صاحبها والقبض عليه متلبساً، وهذا يستوجب قدرات تضاهي قدراته الفائقة، وعلى الأرجح لدينا مثل هذه القدرات..؟!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com