تصاعد خطر الحركات التكفيرية يثبت فشل السياسات الغربية "الفوضى المتوحشة" تسقط رهانات التمييز بين "الاعتدال" و"الإرهاب"
تشهد العاصمة الإيرانية طهران حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، محوره مواجهة الإرهاب، والذي أصبح خطراً استراتيجياً لا يسثتني أحداً في دول العالم قاطبة، وهذا الحراك يجد امتداد له في موسكو، قد يكون عنوانه الكبير حل الأزمة السورية، لكن في تفاصيل الخبر سد الطريق أمام انتشار الإرهاب بالمنطقة، خاصة وأن تشابه عمليات القتل الجماعية التي نفذتها التنظيمات الإرهابية أخيراً في باكستان واليمن، يسلّط الضوء على وحدة المنهج المتبع بينها، وعلى خضوعها لمبادئ الفكر نفسه.
ساعات فصلت بين المذبحة التي ارتكبتها طالبان باكستان في مدرسة للأطفال في باكستان، وتفجير السيارة المفخخة بحافلة تقل عشرات التلميذات في رداع باليمن، وبعد أيام فقط من حادثة مقهى لينت بلاس وسط سيدني، حيث احتجز مسلح رهائن داخل المقهى قبل أن تحررهم الشرطة الأسترالية وتنتهي العملية بمقتل منفذ العملية واثنين من المدنيين.
بصمتا التنظيمات التكفيرية على الحدثين الدمويين في باكستان واليمن واضحة، كما هي واضحة بصمة “المعارضة المعتدلة” في استهداف تجمع للمدارس في حي عكرمة الحمصي بتفجيرين إرهابيين أديا إلى استشهاد وإصابة العشرات أغلبهم من الأطفال، وهو ما يعني أن أدوات الإرهاب تمارس نفس الإجرام في كل مكان.
“داعش” و”النصرة” جعلت من مناطق سيطرتها مسرحاً يومياً للقتل الجماعي والتصفيات والصلب والسبي من الرقة في سورية حتى الموصل في العراق.
بهذا المعنى ترتبط هذه العمليات في غير منطقة من العالم باستراتيجية واحدة تطبّق بحذافيرها، كما تنطلق من فكر واحد يجمع شمل عقائد منفذيها، الأمر الذي تسقط معه كل المراهنات الغربية والعربية الخليجية على الفصل بين جبهة من هنا وتنظيم من هناك على أساس الاعتدال والتطرف. فالأحداث المتعاقبة من سورية إلى العراق واليمن وباكستان وأفغانستان والجزائر وسيناء في مصر، تكشف أن المحرك الأساس لكل التنظيمات التي تسترت بالشعار الإسلامي ليست إلّا تجليات لمشروع يقوم على مبدأ تصفية الآخر، وصولاً إلى انتهاج الإبادة، كما حصل ضد عشائر وقبائل وأقليات طائفية وعرقية، اقشعرت لها الأبدان.
بهذا الأسلوب المشترك تكون التنظيمات التكفيرية القائمة على مبدأ الإرهاب قد أحسنت إدارة العنف في درجاته القصوى حيثما حلّت.
الكتاب الذي أسس لهذه الاستراتيجية تحدّث عن أن الفوضى ستكون “متوحشة”، وسيعاني منها السكان المحليون، وهذه “الفوضى المتوحشة” تتقاطع مع مخططات “الفوضى البناءة أو الخلاقة”، التي عملت عليها الإدارة الأميركية منذ مدة، وتتماهى معها في الأهداف النهائية: إعادة رسم المنطقة وفق خرائط تناسب كل منهما، الإدارة الأمريكية والتيارات التكفيرية.
عام 2014، والذي ارتفعت خلاله المخاطر من عمليات إرهابية، يؤكد أن الغرب يتحمّل مسؤولية تمدد الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، كما يتحمّل مسؤولية تنامي حركة بوكو حرام في نيجيريا، وتفشي الفوضى في ليبيا، إضافة إلى الأهوال المنتشرة في باكستان وتهدد أفغانستان.