2014 عاماً أسود للصحافة.. وتركيا تتجه نحو الحكم الاستبدادي النظام الأردوغاني يعامل معارضيه ومنتقديه معاملة أعداء الدولة
تواصلت المظاهرات الاحتجاجية لليوم الثاني على التوالي في جميع أنحاء تركيا تنديداً بفساد حكومة حزب العدالة والتنمية، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لفضيحة الفساد والرشوة، التي طالت مسؤولين ووزراء في نظام رجب طيب أردوغان ومقربين منه بينهم ابنه بلال، وهذه الاحتجاجات جاءت بصدى دولي بعد انتقادات من مؤسسات ولجان دولية على القمع الذي تمارسه حكومة العدالة والتنمية بحق وسائل الإعلام والصحفيين.
ففي العاصمة أنقرة أصيب نجاتي يلماز رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في أنقرة إثر قيام شرطة أردوغان بالاعتداء على أعضاء التنظيم الشبابي لحزب الشعب الجمهوري، الذين احتشدوا في متنزه جون للتنديد بفساد نظام أردوغان.
ونظم اتحاد نقابات موظفي الدولة مظاهرة احتجاجية في ميدان أتالوس بمنطقة باب القلعة التاريخية التابعة لمحافظة انطاليا، كما احتشد أعضاء نقابات موظفي الدولة في منطقة شيشلي باسطنبول، وشهدت محافظات مرسين ومانيسا وباليكسير وسيواس وأفيون كره هيسار وكيليس واسطنبول وأنقرة مظاهرت احتجاجية، فيما أخلت شرطة أردوغان متحف مولانا بمحافظة قونية من الزوار بالقوة بذريعة الزيارة التي سيقوم بها “زعيم اللصوص” إلى المتحف، الأمر الذي أثار ردة فعل شديدة لدى المواطنين، وطردت مراسل صحيفة سوزجو، الذي كان يستعد لتغطية حفل افتتاح خط قطار سريع بين قونية واسطنبول، وأشارت الصحيفة إلى أن الحظر الذي تفرضه حكومة حزب العدالة والتنمية على الإعلام المعارض امتد إلى الوزارات.
كما أكد أردال اكسونجور النائب عن حزب الشعب الجمهوري عضو لجنة التحقيق البرلمانية التي تحقق في تورط أربعة وزراء سابقين في حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالفساد أن أعضاء حزب العدالة والتنمية في لجنة التحقيق البرلمانية يتصرفون وفقاً لتعليمات حكومة الحزب الحاكم، ولم يفتحوا حتى الآن غلاف بعض الملفات، ومنعوا كشف الحقائق في القضاء والبرلمان التركي من خلال التدخل السياسي، مشيراً إلى أن لجنة التحقيق لم تتمكن من الاجتماع سوى 6 أو 7 مرات خلال أربعة أشهر، فضلاً عن عدم جمع الأدلة واستدعاء الشهود الذين تعتبر إفاداتهم مهمة بالنسبة للتحقيقات الجارية، وقال: إن حقي كويلو رئيس لجنة التحقيق البرلمانية تلاعب بجميع الاجتماعات من خلال الأسئلة التي وجهها، ورفض استدعاء منتسبي الأمن والمدعين العامين الذين أجروا التحقيقات في قضية الفساد كشهود رغم إصرارنا، ولم يدل سوى شخصين بإفادتهما من بين الأشخاص الذين اقترحنا الاستماع لإفاداتهم، وأوضح أن الهم الوحيد الذي يشغل أعضاء حزب العدالة والتنمية في لجنة التحقيق البرلمانية هو عدم المس برئيس النظام التركي أردوغان وأفراد أسرته وكشف تورطهم بالفساد والرشوة، مشيراً إلى أن أردوغان وأعوانه حاولوا التستر على الفساد وإخفاء الحقائق من خلال ادعاءات تنفيذ انقلاب ضد حكومة حزب العدالة والتنمية ومنتجة التسجيلات الصوتية والكيان الموازي.
إلى ذلك أبدى مسؤولون أمريكيون مخاوف جديدة إزاء قمع السلطات التركية في ظل نظام أردوغان لحرية الصحافة ووسائل الإعلام، منتقدين عمليات المداهمة والاعتقال الأخيرة التي طالت مجموعة من الصحفيين الأتراك، في وقت تؤكد فيه التطورات الأخيرة التي شهدتها تركيا من حملات القمع المتتالية للمحتجين وعمليات الاعتقال التعسفية اتجاه هذا البلد بسرعة هائلة نحو “حكم استبدادي ديكتاتوري”.
وانتقد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، الذي يلعب دوراً فعالاً ومهماً في السياسة الخارجية الأمريكية، بشدة اعتقال الشرطة التركية مجموعة من الصحفيين والكتاب يوم الأحد الماضي دون وجه حق، وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء حرية الصحافة في تركيا وحملات الاعتقال التي تستهدف وسائل الإعلام، وقال روبرت مينينديز رئيس اللجنة: إذا كانت الحكومة التركية تعتقل أو تحبس بصورة تعسفية رجال الصحافة والإعلام بسبب المقالات التي يكتبونها فهذه استبدادية زائدة عن حدها.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة زمان التركية أن عدداً من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والصحفية الدولية، ومن بينها المؤسسة الفكرية الأمريكية غير الحكومية “فريدوم هاوس” و”جمعية الصحفيين الأوروبيين” و”اتحاد الصحفيين الأوروبيين”، الذي يمثل نحو310 آلاف صحفي من 39 دولة حول العالم، و”منظمة العفو الدولية”، وجهوا انتقادات حادة للسلطات التركية جراء عمليات الاعتقال الموسعة، وقالت فريدوم هاوس، المهتمة بحقوق الإنسان والحريات، إن الحملة التي استهدفت الصحفيين الذين يتناولون أخبار فضائح الفساد والرشوة التي تطال بعض أعضاء الحكومة التركية تتجلى وتظهر على أنها عملية انتقام.
وقالت منظمة العفو الدولية: إن المسؤولين الأتراك لديهم سجل حافل بوقائع استخدام مفهوم مكافحة الإرهاب بغرض استهداف المعارضين السياسيين في تركيا، فيما أكد نائب رئيس جمعية الصحفيين الأوروبيين وليام هورسلي أن المسؤولين الأتراك تجاوزوا حدودهم باعتقال رموز الصحافة الحرة، مشيراً إلى أن السلطات التركية تعامل معارضيها ومنتقديها معاملة أعداء الدولة.
وأعلنت جمعية الصحفيين الأتراك عام 2014 عاماً أسود على الصحافة التركية، وأشارت إلى قرارات الحظر وعمليات المراقبة والتعقب والاعتقال والفصل من العمل ومداهمة المؤسسات الصحفية وغيرها من السياسات القمعية التي يمارسها نظام أردوغان ضد الصحافة.
في الأثناء، أكد رئيس حزب المركز التركي عبد الرحيم كارسلي أن حكومة حزب العدالة والتنمية خرّبت مصر وعملت على تدمير سورية، القوة الوحيدة التي تتحدّى “إسرائيل” وصنعت العديد من التنظيمات الإرهابية باسم “الإسلام”، وقال خلال مشاركته في برنامج يبث على قناة 1 تي في: إن الحكومة ساهمت بالقضاء على ليبيا من أجل “إسرائيل” وإزالة العوائق من أمامها وتحقيق أمنها، حيث تتجوّل “إسرائيل” في المنطقة بحرية حالياً”، وأضاف: إن تحدي حكومة حزب العدالة والتنمية لـ “إسرائيل” موقف ظاهري غير حقيقي، مشيراً إلى أن نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي كان قد أكد أن الحكومة التركية هي التي أزالت جميع العوائق أمام “إسرائيل” في المؤسسات والمنظمات الدولية بشكل فعلي.