جحا أولى “بزيته”؟!
70 مليار ليرة قيمة زيت الزيتون المنتج خلال الموسم الفائت، رقم ليس بالهيّن لبيادر جاءت من حقول تستوعب 82 مليون شجرة مثمرة من أصل 107 ملايين شجرة رصيد البلد من المحصول الذي صمد وقاوم ظروف الحرب ومناخات الطبيعة التي لم ترحمه وتتلطف به؟!.
تسجّل طقوس القطاف التي لم يمضِ عليها سوى أسابيع توجّساً سببه تراجع كميات الإنتاج وقلة المردود، لتمرّ الأيام على إيقاع الترويج لمكنة التصدير التي خاف الكثيرون من امتصاصها موجودات ومدّخرات السوق المحلي ما دفع بالأسعار إلى التواتر والتذبذب صعوداً في مؤشرات قضّت مضاجع المستهلكين الذين توقعوا غلاءً في عز الموسم، فكيف الحال ونحن نتكلم عن التصدير الذي سيحرّك السهم ارتفاعاً مهما كان خطاب دعاة التصدير منمّقاً ومغلفاً بالتهدئة وتبسيط الأمور الذي مفاده “لا تأثير سلبياً للتصدير” في توفر المادة، وهذا ما كان بمنزلة رماد في عيون الزبون المحلي، في وقت يتساءل فيه الكثيرون عن مصلحة المزارع وأمله بأسعار مغرية ومناسبة؟!.
قد تكون مبررات حماية المنتج من التهريب الأكثر إقناعاً عند شارع يرى أن “جحا أولى بزيته”، حيث أخذ اتحاد المصدّرين على عاتقه مسؤولية التسويق الخارجي لنحو 26 دولة مستقطبة للزيت السوري أخذت نصيباً كبيراً من الكميات، في وقت يتحضر فيه نحو 30 ألف طن معبّأ للتصدير، هذا إذا لم تخرج من البوابات الحدودية إلى مقصدها وسوقها المنتظر لخصائص مشهورة من حيث الأكسدة والمركبات العطرية لمحصول يمتلك نحو 75 صنف زيتون كلها يستخرج منها الزيت؟.
ندرك أن المزارع وإن كان مقصد أي توجّه للتصدير الذي يخدمه برفع السعر أمام تحكم التجار به، إلا أن الكعكة الأكبر تذهب إلى السماسرة والقائمين على التجميع لمصلحة هذا التاجر وذاك، كما أن السياسة المتوازنة التي يراهن المواطن عليها تأخذ بالحسبان ضعف المستهلك في قدرته الشرائية واضطراره إلى شراء صفيحة الزيت بـ 15 ألف ليرة رغم أن السعر العالمي لها نحو 10 آلاف ليرة؟.
بالعموم أن تتربّع سورية على رأس قائمة الدول العربية والرابعة عالمياً في التصدير، في ذلك دلالات ومؤشرات مهمّة على صعيد قوة الاقتصاد وسمعة منتجاته وحضوره في الأسواق الدولية، ولكن ثمة آمال أن تكون القيمة الأكبر للفلاح والمزارع الذي يقع في فخ المتاجرة غير النظيفة مع إيهامه بأنه محطّ اهتمام، فلا الجمعيات الفلاحية ترعاه ولا الإرشاديات تداريه، وهو المتروك لقدره ينازع في رزقه ويقامر في محصوله في تركيبة تسويقية وتجارية لا ترحم وسياسات رعناء لا تعطيه “من الجمل أذنه”؟.
نحن مع التصدير ولسنا ضدّه، ففيه نواتج مهمة في الاقتصاد والقطع، ولكن نسأل عن عوائد التصدير بالنسبة للمزارع المأسوف على تعبه وعرقه ومردوده؟ هل في منحه بعضاً من العائدية “كاشاً” أو دعماً حقلياً خطأٌ أم تشجيع ودعم ضد التهريب ومرابح التجار الحرام؟.
علي بلال قاسم