تفاؤل باستقرار قريب في سعر صرف الليرة السورية قرفول لـ”البعث”: لا يمكن القول بأن جميع الأدوات تنجح 100% لأن المضاربين لا يعملون وفق سلوك نمطي
ثمة لبس يكتنف الأدوات غير التقليدية التي أعلن مصرف سورية المركزي عن استخدامها في عمليات تدخله لضبط سعر الصرف واستقراره، لبس أثار موجة من التساؤلات حول ماهية هذه الأدوات لدى كثير من المتابعين الذين تفاءلوا خيراً بجدواها، بل إن بعضهم أيقن أنها ستشل حركة المضاربين بالسوق إلى أقصى درجة، إلا أن واقع الحال يظهر أن شأن هذه الأدوات شأن زميلاتها التقليدية لم تؤتِ أكلها المتوقعة، إذ يلاحظ المتتبع لواقع سعر الصرف أن السوق السوداء ضغطت على السعر الرسمي أيضاً.
النائب الأول لحاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول أوضح في تصريح خاص بـ”البعث”، أن ماهية هذه الأدوات تتمثل باستخدام أساليب قد لا تكون معهودة، وإنما تحاكي الأساليب غير المنضبطة بالقوانين والقرارات، والتي يلجأ إليها المضاربون والمتعاملون في السوق السوداء لتحقيق مكاسبهم، مبيناً أنها و على عكس التقليدية التي يعتمدها المركزي للتدخل من خلال المصارف وشركات الصرافة وسوق العملات المفتوحة.
يتغيرون وفق!
وأكد قرفول جازماً أنه لا يمكن القول إن جميع الأدوات تنجح 100%، على اعتبار أن الطرف المقابل في السوق (المضاربين) يغيّر من طريقة عمله وأدواته لتحقيق الربح بأي شكل كان، فهو لا يعمل وفق سلوك نمطي يمكن من خلاله معرفة كيفية اتجاهاته، مستفيداً بذلك من الظرف الراهن من جهة، والاستفادة من جميع القرارات الصادرة سواء عن المركزي، أم عن وزارات الدولة من جهة ثانية.
مركبة ومتداخلة
النائب الأول للحاكم بيّن أننا أمام أزمة متداخلة ومركبة يتداخل فيها المعلوم مع غير المعلوم، والأطراف التي لها تأثير في السوق مع أطراف قد لا تكون واضحة الأهداف بشكل دقيق، وبصراحة قال: هي أزمة كل شيء فيها مباح، وأية أداة فيها مباحة من أجل الوصول لتحقيق الأهداف، مشيراً إلى أنه يجب الاعتراف بأن ليس لدى الجميع أهداف مشتركة، فهدف الدولة تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن، وتأمين استقرار الأسعار، بينما هدف الأطراف الأخرى تحقيق الربح بأية أداة ممكنة.
مراهنة
وراهن النائب على تحسن واستقرار سعر الصرف خلال المرحلة المقبلة، مستنداً إلى اعتبارات تتعلق بالدرجة الأولى بأن المركزي لا يدخر أية أداة تمكنه من ضبط تذبذب سعر الصرف، ومحاولاته المستمرة لدراسة صورة السوق بشكل دقيق لمعرفة الأداة المناسبة للتدخل، إضافة إلى وجود سعي حكومي لتنمية النشاط الاقتصادي لتأمين البيئة المناسبة لعمل قطاعاتنا الاقتصادية القائمة حالياً ونظيراتها الراغبة بالعودة واستئناف نشاطاتها داخل البلاد.
عدم رضى
ولم يخفِ قرفول عدم رضى المركزي عن وضع سعر الصرف، مؤكداً سعي المركزي لاستخدام كل الإجراءات التي تحدّ من التذبذب وعدم الاستقرار، مشيراً إلى أن الظروف الحالية عرضة لأية متغيرات قد تحصل، وتستوجب دراسة دقيقة للسوق وتقلباته، بيد أن المشكلة برأيه لا تكمن بتجاوز سعر الصرف حاجز الـ200 ليرة وحسب، وإنما بالتذبذب المستمر وعدم استقراره، الذي يتنافى معه وجود البيئة المناسبة لاتخاذ القرار الاقتصادي السليم، فأية جهة اقتصادية تجارية أو صناعية، بحاجة لأن يكون لديها القدرة على التنبؤ بتغييرات سعر الصرف، حتى تستطيع بناء قرار سليم، بينما البيئة الحالية والتغيرات الكبيرة لتذبذب سعر الصرف قد تدفع هذه الجهة أو تلك، لخيارات قد تكون أحياناً بعيدة عن القرارات الرشيدة.
وأشار إلى أن المركزي يحاول التركيز ليس على الجانب السعري المتعلق بسعر الصرف فقط، وإنما على النشاط الاقتصادي وتأمين جميع الشروط اللازمة لانطلاقة قوية وثابتة للاقتصاد الوطني، كون هذه الانطلاقة هي صاحبة الأثر الأكبر على سعر الصرف والعودة إلى استقراره ضمن مستوياته المتوازنة والمطلوبة.
دمشق– حسن النابلسي