للمرة الأولى في 6 سنوات السعودية تسجل عجزاً بقيمة 145 مليار ريال
أظهرت الموازنة العامة في السعودية لعام 2015 ارتفاع الإنفاق الحكومي لمستوى قياسي رغم التحديات الاقتصادية، لكنها توقعت تسجيل عجز للمرة الأولى في ست سنوات بفعل تراجع أسعار النفط. ووفقاً للموازنة التي أعلنتها وزارة المالية على موقعها الإلكتروني تتوقع الوزارة أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في 2015 ارتفاعاً من 855 ملياراً في الموازنة الأصلية لعام 2014 والذي كان أول خفض في الإنفاق منذ 2002. ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات 715 مليار ريال في 2015، وهو ما يجعل المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم تسجل عجزاً في الموازنة- للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009- بقيمة 145 مليار ريال. وترقبت الأسواق المالية عن كثب إعلام موازنة السعودية لرؤية تفصيلية حول كيف ستعالج المملكة تأثير الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط هذا العام. ومنذ حزيران تراجع خام القياس العالمي مزيج برنت من حوالي 115 دولاراً للبرميل- وهو مستوى ساعد المملكة على تسجيل فوائض متوالية في الميزانية- ليصل إلى ما يزيد قليلاً عن 60 دولاراً للبرميل. وفي وقت سابق من هذا الشهر شهدت سوق الأسهم السعودية وأسواق الخليج موجة هبوط حادة خشية أن تدفع تراجعات أسعار الخام الحكومة السعودية لخفض حاد في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية ومشروعات التنمية، وهو ما سيضرّ بأرباح الشركات. لكن موازنة 2015 أكدت أن الحكومة لا تعتزم تنفيذ ذلك وستواصل الإنفاق عبر اللجوء إلى احتياطياتها المالية الضخمة التي تراكمت عبر سنوات ازدهار أسعار النفط. وقال بيان الوزارة: “ستستمر المملكة في الاستثمار في المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وستواصل انتهاج سياسة مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها”. وأضاف البيان: إن ذلك يتم عبر “بناء احتياطيات مالية من الفوائض المالية الناتجة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بعض الأعوام للاستفادة منها عند انخفاض هذه الإيرادات في أعوام أخرى”.
محللون: مشيخات الخليج ستواجه أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة
أكد العديد من المحللين والخبراء الاقتصاديين أن مشيخات وممالك الخليج ستواجه أوضاعاً صعبة وأزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة مع استمرار تراجع أسعار النفط الخام متوقعين لجوء أنظمتها إلى إجراءات تقشف قاسية على مواطنيها. ويشير المراقبون والخبراء إلى اعتماد اقتصاد تلك المشيخات على الإنفاق والبذخ من مواردها النفطية الغنية وعدم بنائها استثمارات عملية تدعم بناء اقتصاد حقيقي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المحلل الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون قوله: إن هذه الأوضاع التي تمر بها السوق النفطية ستؤدي إلى فرض ضرائب بشكل محتم وستواجه هكذا قرارات امتعاضاً شعبياً كبيراً، ما قد يطلق بدوره احتجاجات شعبية مضيفاً: إن “هذه التدابير حساسة سياسياً إلا أن البديل هو احتجاجات في الخليج”. واعتبر السعدون أن صلب المشكلة التي تواجه دول الخليج هو فشلها في اقتناص فرصة ارتفاع عائدات الطاقة من أجل تنمية اقتصاداتها خارج إطار القطاع النفطي. وتابع السعدون: “إن هذه الدول ضيعت فرصة مهمة للإصلاح وبناء اقتصاد متنوع بشكل حقيقي، حيث ارتفع الإنفاق العام إلى مستويات قياسية، ولم يكن ذلك على مشاريع بنى تحتية حيوية بهدف تنويع الاقتصاد بل ذهب خصوصاً إلى الأجور والرواتب والدعم وعلى هبات مقابل الولاء السياسي”. وقال الخبير ام ار راغو رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي: “إن الإنفاق الجاري في دول الخليج تجاوز الإنفاق الاستثماري بأشواط” معتبراً أن خفض هذا الإنفاق الآن يبدو صعباً إذ إن ذلك يعني اتخاذ خطوات جريئة في مجالات الرواتب ودعم الأسعار. وتقدر أرقام أن دول الخليج التي تضخ 5ر17 مليون برميل يومياً يمكن أن تخسر نصف عائداتها النفطية التي تشكل نحو 90 بالمئة من العائدات العامة بالنسبة لمعظمها مع الأسعار الحالية أي نحو 350 مليار دولار سنوياً ومع انخفاض الأسعار إلى ما دون توقعات الموازنة فإن الحكومات ستواجه من دون شك عجزاً العام المقبل. ووفقاً للمتابعين فإنه سيتبع انخفاض العائدات خفض في الإنفاق وربما أيضاً فرض ضرائب للمرة الأولى في تاريخ هذه الدول ما يزيد المخاوف من الاستياء الشعبي ومن التباطؤ الاقتصادي في النهاية.