اقتصار الاحتفالات بعيد الميلاد على الصلوات دون معايدات أفرام الثاني ويازجي: رسالة المحبة والسلام ستبقى منارة تهتدي بها البشرية
نظراً لما تمر به سورية من أحداث وإكراماً للشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم تراب الوطن، بدأت أمس الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد في الكنائس وأماكن العبادة واقتصارها على الصلوات دون معايدات.
ففي حلب “عمار العزو” أقيم في كاتدرائية السريان الأرثوذكس قداس إلهي بالمناسبة ترأسه غبطة البطريرك ماراغناطيوس أفرام الثاني كريم الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم يعاونه لفيف من الكهنة وقامت بخدمة القداس جوقة الكاتدرائية.
وألقى غبطة البطريرك كريم عظة العيد، تحدث فيها عن المعاني السامية لميلاد السيد المسيح وما تحمله هذه المناسبة من قيم نبيلة وسامية ، مؤكداً أن رسالة المحبة والسلام التي جاء بها السيد المسيح ستبقى منارة تهتدي بها البشرية وترسم معالم النصر، انتصار الحق على الباطل وانتصار النور على الظلام.
وأشار كريم إلى أنه يتوجب علينا ونحن نعيش هذه الأيام إلى أن نعمل من أجل السلام وأن نصلي من أجل من استشهدوا ومن أصيبوا أو تشردوا، من أجل أن يزيل الله هذه الغمة، مبتهلاً إلى الله أن يلامس نوره قلوب أبناء سورية وأن يعيد الطمأنينة والسلام لربوع وطننا الغالي الذي منه أشرق النور الإلهي ليعم العالم بأسره محبة وسلام.
ودعا في ختام عظته أن الله جل في علاه أن يحفظ سورية وقائدها السيد الرئيس بشار الأسد وجيشها الأبي وأن يعيد كل المخطوفين إلى أهلهم سالمين وفي مقدمتهم المطرانان يوحنا إبراهيم وبولص يازجي.
وبهذه المناسبة ترأس غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس قداساً إلهياً في كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس بحلب، وأكد غبطته أنه على أبناء سورية أن يتلمسوا في هذا اليوم المجيد المحبة الإلهية لأن ميلاد السيد المسيح هو رسالة تتجلى معانيها محبة وتضحية في سبيل البشرية، منوهاً إلى أن أبناء سورية يصلّون لأجل كل حزين ومفقود وكل أم ثكلى وكل إنسان متضرر، وأن يعيد الراحة والسلام والاطمئنان لربوع الوطن الصامد بإيمان شعبه بمحبتهم لبعضهم وتعاضدهم مسلمين ومسيحيين لأن هذا هو المعنى الحقيقي للإيمان الذي يجسده أبناء سورية التي صدّرت العلم والمحبة والسلام والإخاء للعالم أجمع.
وابتهل البطريرك يازجي إلى الله أن يحفظ سورية ويقوي من عزيمة شعبها وجيشها وقائدها السيد الرئيس بشار الأسد، وأن يعم السلام والأمان ربوع الوطن وأن يعود كافة المفقودين والمخطوفين إلى أسرهم وأن يعيد المطرانان إبراهيم ويازجي إلى أنباء رعيتهما، كما عبّر أبناء الطوائف المسيحية عن أملهم بعودة الأمن والسلام لربوع سورية.
وبهذه المناسبة توجه المجلس المركزي لشيوخ القبائل والعشائر العربية بالتهنئة للعالم المسيحي والشعب الصامد في سورية والعراق، وتضرع المجلس لله بأن يعم الأمن والأمان في بلادنا ويحل السلم والسلام في العالم.
وفي اللاذقية، أقيمت في كنيسة اللاتين قلب يسوع احتفالية تضمنت صلاة مشتركة وترانيم دينية، تأكيداً على وحدة السوريين ورغبتهم بأن يعم السلام البلاد، حملت اسم “أجراس لاواديسا” بحضور رسمي وشعبي حاشد.
وأكد مطران الروم الكاثوليك نيكولا صواف أن وجود السوريين وتجمعهم في هذا المكان للاحتفال بميلاد السيد المسيح والصلاة لأجل السلام هو دليل على وحدة هذا الشعب وإرادته القوية للاستمرار في الحياة، لافتاً إلى أن السلام هو هبة ونعمة من الرب تُعطى لمن يطلبها بصدق وأمانة، فيما بيّن عضو اتحاد علماء بلاد الشام الشيخ محمد رضا حاتم أن هذه الاحتفالية تؤكد الحالة الثقافية والاجتماعية التي يعيشها السوريون وتنمو في ظلها الأجيال الجديدة في أجواء الألفة والمحبة التي عهدناها دائماً وتتجلى اليوم بأسمى المعاني والقيم الإنسانية، ونوّه مدير السياحة الدكتور وائل منصور بطابع الاحتفالية المتميز المرتبط بالعيد وطقوسه ليكون الدعاء واحداً من جميع السوريين بأن تخرج البلاد من أزمتها منتصرة عزيزة وقوية بإرادة شعبها وعزيمة جيشها.
من جهتها، أوضحت رئيسة مشروع درب التطوعي المشرف على تنظيم الاحتفالية كندة نصار أن هذه المشاركة الواسعة فيها تثبت مدى رغبة السوريين في الحفاظ على وحدتهم الوطنية.
وقدم كل من كورال الكلمة وكورال قلب يسوع الأقدس فقرتين من الترانيم والتراتيل الميلادية، حيث نوّه المسؤول الإداري لكورال الكلمة الدكتور فؤاد نصار بأهمية هذه الاحتفاليات كونها تعزز الوحدة الوطنية وترسم بداية جديدة لحياة مليئة بالمحبة والألفة، في حين أشار مسؤول كورال قلب يسوع الأقدس سيمون الشبطلي إلى أن هذه الفعالية من أجل الصلاة لسورية ليعم فيها السلام، وأعرب عدد من الحضور عن إصرار السوريين على التمسك بالتسامح والعيش المشترك والصمود في مواجهة الإرهاب الذي يريد العبث بالنسيج الوطني، داعين أن يعم السلام سورية والبقاء معاً يداً واحدة لإعمارها من جديد.
وفي حمص القديمة، وبعد فشل الإرهاب والفكر الظلامي أن يسرق من أهاليها توقهم للمحبة والسلام، وبعد معاناتهم المريرة من ممارسات التنظيمات الإرهابية المسلحة بدأ الأهالي ولأول مرة منذ سنوات استعداداتهم للاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة في رسالة مفادها بأن حمص القديمة ستبقى رافضة للإرهاب ومحبة للحياة والسلام، ويؤكد الخوري بطرس جمل من مطرانية الروم الأرثوذكس أنه تمت إقامة مغارة كبيرة في ساحة الملجأ بحي بستان الديوان وتزيين جدران الحي برسومات من وحي المناسبة رسمها أطفال الحي إلى جانب العروض الفنية والتراتيل وإضاءة شجرة الميلاد في كنائس المدينة ومنها أم الزنار وروح القدس وتقديم الهدايا من قبل بابا نويل للأطفال المشاركين، لافتاً إلى أن الفعاليات الإنسانية مستمرة لغاية 6 كانون الثاني القادم وتشمل زيارة أسر الشهداء وجرحى القوات المسلحة تقديراً لتضحياتهم في سبيل الوطن ضد الإرهاب ودورهم في إعادة الألق لحمص القديمة التي تزهو حالياً احتفالاً بالأعياد.
وفي طرطوس، أحيت فرقة كورال عتبات أمسية بعدد من الأغاني الوطنية والوجدانية والتراثية في المركز الثقافي ضمن فعاليات اليوم الثاني لمهرجان الميلاد السوري الذي تقيمه وزارة الثقافة، وأشار المايسترو أحمد حطاب إلى أهمية امتزاج الأغاني الوطنية والفلكلورية والوجدانية في أمسية تتغنى بميلاد السيد المسيح الذي عاش وهو يدعو إلى التآخي والتسامح بين البشر مهما بلغت اختلافاتهم، وبيّن الناطق الإعلامي باسم الفرقة الشاعر كامل جنود أن رسالتي المهرجان والفرقة تتلاقيان في الترنم بالسلام والمحبة وبعث الأمل في النفوس بولادة جديدة مع كل ألم وكل شهيد.
وفي بلدة صحنايا، أطلقت مجموعة نادي أفلاتين قول وفعل صحنايا من شباب البلدة بريف دمشق فعالية بعنوان “تعو نزرع صبح” والتي تضمنت تزيين وإضاءة شجرة عيد الميلاد في ساحة الشهيد يوسف الأزروني وسط أجواء من الفرح والغناء، وأوضح مسؤولها قصي الأزروني أن الفعالية تحمل رسالة لبداية حياة جديدة تؤكد على الاستمرار والثبات، مشيراً إلى أن اختيار تسمية “تعو نزرع صبح” هي دعوة لكل أهالي البلدة للمشاركة والتطوع والزراعة التي تعبّر عن الحياة والتجدد والصبح الذي يرمز إلى الأمل والغد المشرق.
إلى ذلك، جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الدعوة لإخراج لبنان من أزمته وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، موجهاً نداءه للصلاة من أجل إحلال الاستقرار والسلام في سورية والعراق وفلسطين وبلدان الشرق الأوسط.
وقال البطريرك الراعي في رسالة الميلاد التي وجهها أمس من بكركي: إن لبنان يعيش اليوم ظلمة انتهاك الدستور والميثاق الوطني والحسابات السياسية التي حالت دون التوافق بين قواه الفاعلة، وأضاف: وليخرج لبنان من ظلماته يحتاج إلى رئيس للجمهورية معروف بتاريخه وممارساته ومحب للبنان وشعبه وكيانه ومؤسساته.
ولفت الراعي إلى أن لبنان يواجه أيضاً ظلمة التطرف الديني والمذهبي الآخذ في تشويه صورته، داعياً جميع اللبنانيين للصلاة من أجل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد وإحلال الاستقرار في لبنان والسلام في سورية والعراق والأراضي المقدسة وفي سائر بلدان الشرق الأوسط.