اقتصاد

نقطة ساخنة وتر النزاهة أكثر طرباً!

يُسجّل للحكومة وفاؤها ببعض من وعودها، خاصة لجهة توفير المواد والسلع الأساسية، ولا يستطيع أحد إنكار عدم افتقاد أسواقنا لأية مادة بغض النظر عن سعرها، إلا أن ما يؤخذ عليها عدم إيصال بعض تلك المواد للمستهلكين بالسعر المدعوم، ولاسيما أولئك الذين يستحقون الدعم!.
ولاشك أن حلقات الفساد المشؤومة هي من تحول دون إيصال الدعم لمستحقيه، ولطالما حاولت حكوماتنا السابقة حلّ هذه المعضلة المتأصلة، التي بدأت تكبر وتتجذّر أكثر من ذي قبل، خاصة مع ظروف وتداعيات الأزمة التي أفرزت عدداً جديداً من الحلقات المستفيدة.
نعتقد أن تأمين هذه المواد في هذه الظروف وعلى رأسها المازوت والغاز أصعب بكثير من إيصالها لمن يستحق، وعلى اعتبار أن الحكومة نجحت في الأولى، يفترض أن يكون من السهل عليها تحقيق الثانية، ونجزم أن الأدوات اللازمة لذلك متوفرة لدى دوائرنا الرسمية المخوّلة بتوزيع هذه المواد.
لعلّ أبسط هذه الأدوات هو توزيع هاتين المادتين عبر لجان محلية نزيهة ونزيهة فقط، كون هذه الآلية (لا تتطلّب خبرات تقوم بحسابات مُعقدة، ودراسات مُعمّقة يُستخلص منها نتائج تُبنى عليها استقراءات مستقبلية واستشرافات إستراتيجية ووو.. الخ)، وإنما تتطلّب أُناساً يسجّلون أسماء المستهلكين بموجب دفتر العائلة، وبشكل دوري، ضمن جداول تضمن عدالة التوزيع للجميع، كُلّ حسب بلديته أو دائرة خدماته ليس إلا!!.
فالقوام الرئيسي إذاً لمن توكل له هذه المهمة هو النزاهة، ولعلّ خير من يقوم بها –أي مهمة التوزيع- هم مستحقو الدعم الذين هم أدرى بشعاب الشريحة التي ينتمون إليها ومعضلات إيصال ما يستحقون من الدعم، بعد فشل لجان التوزيع الحالية وانسياقها وراء المحسوبيات، مغيّرة بذلك معادلة الدعم وقلبها رأساً على عقب، فالتاجر المليء -على سبيل المثال لا الحصر- يحصل بحكم اتساع دائرة معارفه ونفوذه، على أسطوانة الغاز بالسعر المدعوم، بينما يدفع الفقير ثلاثة أضعاف ثمنها للحصول عليها!.
يبدو أن محاولة الحكومة عدم ادخار أي جهد لتأمين استقرار معيشة المواطن، لم تكتمل بعد، بسبب القابعين وراء الكواليس الذين لا يتوانون عن وضع العصي بالعجلات وتعطيل حركة الدعم، وتجييرها لصالحهم على حساب الدعم بأشكاله كافة، ليضيع بالمحصلة هذا الجهد، وتصبح الحكومة في دائرة الاتهام والتقصير بهذا الشأن، فعليها إذاً السعي لإكمال حلقة دعمها عبر اجتثاث المتاجرين بقوت البلاد والعباد، وإقصائهم عن المشهد الحكومي، واستبدالهم بمن يوسمون بالنزاهة.
ولعلّه ليس من الصعوبة بمكان العزف على هذا الوتر الأكثر طرباً!!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com