تأمين السلع والرواتب في مواعيدها.. واستياء من الرفع التدريجي للدعم وزيادة الرسوم أربعة إنجازات تُحسب للحكومة وقرارات اتخذتها “مكرهة” انعكست سلباً على المواطن والإنتاجية
استمرار الحكومة بصرف الرواتب والأجور للعاملين في الدولة بداية الشهر، وتأمين المواد الغذائية الضرورية، وإبقاء سعر صرف الليرة تحت السيطرة رغم محاولات المضاربين تحريرها سعرياً بهدف إشعال الأسواق، وتأمين 12 ألف وظيفة عمل لذوي الشهداء، هي إنجازات تُحسب للحكومة بنهاية العام الفائت، وذلك بعد أربع سنوات من الحرب الكونية على سورية.
بالمقابل، هناك إجراءات يمكن تصنيفها ضمن القائمة السلبية، تحمّل عواقبها المواطن، وكان أكثرها استنزافاً للدخول المحدودة والعالية على حدّ سواء، رفع أسعار المشتقات النفطية ومنها المازوت من 60 ليرة إلى 80 ليرة لليتر للتدفئة والنقل، و140 ليرة للصناعيين، الأمر الذي انعكس سلباً على جميع القطاعات الزراعية والصناعية والاجتماعية خاصة، علماً أن المواطن لم يعد قادراً على شراء المادة بهذا السعر، هذا إن توفرت، ما وسّع حجم السوق السوداء للمادة حتى أصبحت تشغل الحيّز الأكبر من مورد تأمينه للمواطن والصناعي، وهذا ساهم في رفع أسعار المواد والسلع أيضاً؟!.
الأكثر ضرراً
ومن منعكسات رفع سعر المازوت وتناقص المعروض في المحطات وفي الأسواق النظامية والتي لا تحصى، توجّه الناس إلى قطع الأشجار وخاصة في المناطق التي فيها غابات والتي صُرفت عليها مليارات من الليرات، وسيكون مصيرها الزوال لأن بعض التّجار أصبحوا الآن يتاجرون ببيع الأخشاب والتي وصل سعر الطن الواحد منها إلى أكثر من 40 ألف ليرة سورية.
كما أن رفع سعر البنزين من 80 إلى 135 ليرة خلال الفترات ذاتها من زيادة سعر المازوت، ساهم في تضخم أجور خدمات النقل والإنتاج والتكاليف النهائية بنهاية المطاف، وما زاد الطين بلة فقدان مادة الغاز التي لم تكن حالها أفضل من المشتقات النفطية الأخرى وخصوصاً بعد زيادة ساعات تقنين الكهرباء ورفع سعر المازوت، ليصبح ملاذاً للبعض في التدفئة خلال الشتاء، ومورداً لدخل البعض الآخر من خلال إيجاد سوق سوداء لبيعه بأسعار تزيد عن السعر المحدّد حكومياً، حيث وصل في بعض مناطق الريف إلى 3 آلاف ليرة للأسطوانة الواحدة.
رفع الدعم التدريجي الذي انتهجته الحكومة مطلع العام 2013 والذي طال المقنن، حيث ارتفع سعر السكر التمويني إلى 50 ليرة من 25 ليرة، وحتى الخبز الذي كان خطاً أحمر رفعت سعره بمعدل الضعف؟!.
إجراءات أكثر دقة
وبعيداً عن سياسات دعم المواد الضرورية، قامت الحكومة بإجراءات لرفع حجم الإيرادات العامة، وعلى ما يبدو لم تجد بداً من زيادة الرسوم والضرائب، حيث ارتفعت الإيرادات الجارية من الضرائب والرسوم وبدل الخدمات وغيرها من 318.19 ملياراً بموازنة 2014 إلى 350.99 ملياراً بموازنة 2015، بزيادة مقدارها 32.8 ملياراً ونسبتها 10.3%، مع زيادة إجمالي الإيرادات المقدرة من الضرائب والرسوم في مشروع موازنة 2015 بنسبة 46.7%، وعزا البيان ذلك إلى التحسّن في مستوى النشاط الاقتصادي، وبدء عودة عجلة الإنتاج تدريجياً إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة.
بالمقلب الآخر، وفي جانب الخدمات، كان أبرز ما تأثر به المواطن سلباً زيادة ساعات التقنين الكهربائي، نتيجة الاعتداءات المتكررة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية المسلحة على محطات التوليد والتحويل وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء، وفي ضوء انخفاض واردات الغاز والفيول إلى محطات التوليد، وبالنتيجة النهائية، أدت إلى إيقاف 34 مجموعة توليد من أصل 54 مجموعة عن العمل رغم جاهزيتها التامة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المولدة بشكل كبير، حيث وصلت إلى حدود 2000 ميغا واط، علماً أن حاجة سورية من الطاقة تبلغ حالياً نحو6000 ميغا واط، وهو ما اضطر وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي في جميع المحافظات، حسب تصريحات صادرة عن وزارة الكهرباء.
الرواتب والأجور
وهناك أيضاً مطالب رئيسية كزيادة الرواتب التي تجاهلتها الحكومة في آخر لقاء لها مع أعضاء مجلس الشعب، رغم ضرورتها لزيادة الطلب في الأسواق وتلبية احتياجات العاملين بالدولة، ولم يأتِ رئيس مجلس الوزراء على ذكرها في آخر جلسة للحكومة، علماً أنها المطلب الأساسي ولا تزال!، إضافة إلى مطالب لا تقلّ أهمية، مثل إيقاف سلسلة الرفع التدريجي عن دعم السلع الأساسية، وتأمين فرص عمل للعاطلين عن العمل، وفتح باب الإقراض المصرفي للفعاليات الاقتصادية والمواطنين، ودعم أفضل للعاملين بالقطاع الزراعي الحيوي والإستراتيجي.. الخ.
وأهم ما يجب العمل عليه خلال العام القادم هو إيجاد إدارة جديدة للأزمة، فاستمرار الأزمة يخلق تحديات جديدة تحتاج إلى إجراءات أكثر دقة وسريعة، مع ضرورة المحافظة على مستوى الأسعار وعدم السماح بجموح التضخم.
دمشق– سامر حلاس