بدائل مجّانية وفعّالة!
ليس مهمّاً أن تحتفل وزارة الزراعة بعيد الشجرة الثالث والستين، وليس مهمّاً أن تتوّج احتفالها بإطلاق حملات تحريج المواقع المحروقة المتضرّرة بآلاف الغراس الحراجية!.
الاحتفالات “الكرنفالية” مهمّة في الأوضاع التي يهتمّ فيها الجميع بشعار “ازرع ولا تقطع”، ولكن عندما يندفع الجميع بجنون غير مسبوق لقطع الأشجار لا لزراعتها، فإن السؤال: ماذا فعلت وزارة الزراعة لحماية الشجرة من الكوارث التي تلحق بها منذ عام 2008 تاريخ رفع أسعار المازوت واستبدال المحروقات بالأشجار لتأمين البدائل المجانية والفعّالة للتدفئة في الأرياف والجبال الشديدة البرودة!.
عندما رفعت الحكومة أسعار المحروقات للمرة الأولى منذ سبعة أعوام تقريباً، لم تأخذ الأثر البيئي بالحسبان لأن من صاغ مشروع القرار ورفعه إلى رئاسة مجلس الوزراء لا يهمّه هذا الأمر على الإطلاق!.
ولكن، ماذا كان رأي وزارة الزراعة آنذاك؟
حسناً إذا فات وزارة الزراعة الأثر البيئي المدمّر في “الرفع الأول” للمازوت، فهل فاتها الأمر أيضاً في رفع أسعاره في المرات التالية؟.
وعندما يعصف الشتاء بسكان الأرياف والجبال المحرومين من وسائل التدفئة، نجد وزارة الزراعة مهتمّة بالترويج لمشاريع حفظ التنوّع الحيوي وإدارة المحميّات الطبيعية والسياحة البيئية!.
لاحظوا أن مديرية زراعة اللاذقية قدّرت قيمة الكارثة التي لحقت بالغابات كأخشاب فقط بأكثر من 52 مليار ليرة، يضاف إليها مبلغ 32 مليار ليرة تكلفة إعادة تأهيلها!.
لو كان الأمر يمكن تعويضه بالمال لهان الأمر، فالدعم المادي الذي تؤكد الحكومة أنه يرهق ميزانيتها يمكن تعويضه آجلاً أم عاجلاً، أما خسارة الأشجار فلا يمكن تعويضها بأقل من قرن كامل من الزمن!.
كثيراً ما أعلنت وزارة الزراعة على مدى العقود الماضية وإثر كل حريق في الغابات، أن الشجرة المحروقة لا يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه قبل مئة عام!.
تُرى هل وضعت وزارة الزراعة مجلس الوزراء بسيناريو الكوارث التي ستلحق بالغابات عند مناقشة رفع أسعار المحروقات مرة تلو المرة؟.
والأهم: هل أعدّت وزارة الزراعة مشاريع فعّالة تؤمّن لأهالي الأرياف والجبال الشديدة البرودة، البدائل الفعّالة للتدفئة بدلاً من الأشجار المعمّرة؟.
كان يمكن لوزارة الزراعة مثلاً أن تعمل على استيراد الأخشاب المعدّة للتدفئة وتطرحها للاستهلاك في الأرياف والجبال الشديدة البرودة بأسعار مدعومة وفي متناول دخل الأسر الريفية، ولو فعلت ذلك لما تعرّضت غاباتنا منذ ستة أعوام للاحتطاب الجائر!.
علي عبود