الصفحة الاولىمن الاولى

المخاوف من ارتداد الإرهاب بدأت تتحقق.. وبريطانيا وبلجيكا تشددان إجراءاتهما الأمنية “11 أيلول” الفرنسية تثبت فشل الدول الغربية في الحد من ظاهرة التكفيريين

الإرهاب الذي بدأ يضرب بعض دول الغرب، هو نتيجة حتمية لدعم هذه الدول وأتباعها في المنطقة للإرهاب الذي تكافحه سورية، ولما زرعته أيديهم في المنطقة، وصحوة الغرب للإرهاب الآن، بعد مدّه بكل سبل النمو، لن تكون كافية، إذ إن الدول الغربية والولايات المتحدة تصر على دفن رؤوسها في الرمال، وتعلن العداء للدولة السورية وقيادتها، وتتفق مع تركيا على تدريب “المعارضة السورية المعتدلة” ودعمها بالسلاح، لتفعيل المؤامرة على أرض الواقع لإسقاط سورية، فيما جدد السناتور الأميركي جون ماكين التحريض على تدخل أميركي بري في سورية وتسليح الإرهابيين، الذين لا يزال يحلو لماكين إطلاق مسمى “الجيش الحر” عليهم، وفرض مناطق حظر طيران.
إلى ذلك، أكد فويتيخ فيليب نائب رئيس مجلس النواب التشيكي رئيس الحزب الشيوعي التشيكي المورافي أنه بالرغم من أن سورية من أكثر دول الشرق الأوسط تجسيداً للتسامح والتعايش بين مكوّناتها فإنها تستهدف وبشكل مستمر بهجمات من طرف الولايات المتحدة التي تصب الزيت على النار حيال ما يجري في سورية، فيما يتوجب على قياداتها التصدي للمجموعات المتطرفة، وشدد، في حديث أدلى به لموقع أوراق برلمانية الالكتروني التشيكي، على أن سبب تدهور الأوضاع في بلدان الشرق الأوسط هو سعي الولايات المتحدة المستمر لتصدير ما يسمى بالديمقراطية وقيمها الخاصة بها إلى دول ذات سيادة، لديها ليس فقط تاريخ طويل وإنما ثقافة مختلفة.
وأوضح فيليب أن هذه المساعي هي عبارة عن ذريعة لتحقيق المصالح الاقتصادية الأمريكية في هذه الدول، واصفاً نتائج سياسات التدخل وتعكير الاستقرار الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بالفظيعة في كل الحالات التي تدخلت فيها، مشيراً بهذا الصدد إلى ليبيا التي تحوّلت الآن إلى حطام، ونشأت فيها مجموعات إرهابية متطرفة، ورأى أن هذه السياسات أدت إلى تعزيز التطرف والإرهاب، وأوجدت مشكلة المهجرين، داعياً دول الاتحاد الأوروبي إلى إدراك أن جميع ما تقوم به الولايات المتحدة هو لمصلحتها فقط وليس لمصلحة الأوروبيين.
في الأثناء، أكد وزير الخارجية التشيكي لوبومير زاؤراليك أن أوروبا دخلت اليوم في أوقات معقدة، كون المخاوف التي سادت منذ فترة طويلة من تنظيم داعش الإرهابي بدأت تتحقق.
وأضاف: إن الهجوم الذي استهدف المجلة الفرنسية الساخرة شارلي أيبدو سيؤثر على المستقبل، وإن الهجوم الذي وقع في باريس سيثير، كما يتوقع المختصون، موجة من الأفعال المماثلة، وبالتالي فنحن الآن نتواجد في وضع حيث سيكون نشاط الأجهزة الأمنية ولفترة محددة مرتفعاً بشكل كبير.
ونبّه زاؤراليك إلى الخطر الذي يمثله إرهابيو تنظيم داعش الذين يعودون الآن إلى الدول الأوروبية التي كانوا يعيشون فيها، معتبراً أن هذا الخطر لا يمس تشيكيا بشكل مباشر، وحذّر من تحميل المسلمين مسؤولية ما جرى في باريس، مشدداً على أن ما حدث هو جريمة قبل كل شيء.
وفي باريس، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية أن “1400 فرنسي أو مقيم في فرنسا قد التحقوا أو أبدوا رغبة في الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق”، وتمثّل هذه الأرقام زيادة جديدة بالنسبة للتقديرات التي قدمتها الحكومة قبل بضعة أسابيع وأفادت بأن 1200 شخص متورط في القتال وبمقتل 60 منهم، وأضاف: “إن ذلك يشكل زيادة كبيرة ففي وقت قصير كانوا 30 عندما توليت منصب وزير الداخلية منتصف 2012 واليوم 1400”.
وأشار رئيس الوزراء الفرنسي إلى أن منفذي الاعتداء الإرهابي على مجلة شارلي أيبدو ينتميان بلا شك إلى الذين رحلوا لتلقي تدريبات على الموت والإرهاب، لكن ثالثهم أحمدي كوليبالي لم يكن في رادار أجهزة الاستخبارات.
وتعتبر فرنسا في طليعة البلدان الغربية التي ينطلق منها أكبر عدد من الإرهابيين للقتال في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي لندن، كشف مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عزم بريطانيا تكثيف جهودها لوقف تهريب الأسلحة عبر الحدود، وذلك في أعقاب اعتداء باريس، وقال متحدث باسم كاميرون، الذي ترأس اجتماعاً لمراجعة هجمات باريس وتقييم المخاطر من إمكانية وقوع أحداث مماثلة في بريطانيا، سيتم أيضاً تحديث البروتوكولات الأمنية لدى الأجهزة البريطانية للتعامل مع مثل هذه الحالات، ولفت إلى أن المشاركين في الاجتماع ناقشوا أيضاً مخاطر الأسلحة النارية واتفقوا على ضرورة تكثيف الجهود مع البلدان الأخرى لكبح تهريب الأسلحة عبر الحدود.
وفي السياق، أفادت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية بأن الحكومة البريطانية، وفي إطار حملة ضد التطرف، جردت جمعية خيرية كبرى “المنتدى الإسلامي للجمعيات الخيرية” من التمويل الحكومي بعد الكشف عن ارتباطها بمجموعة يشتبه بأنها تموّل تنظيم “الإخوان” الإرهابي، مشيرة إلى أن “منتدى الجمعيات” الذي حصل على عقد بقيمة 250 ألف جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين لإدارة مشروع ديني كبير جرد من التمويل بعد انتقادات واسعة بسبب صلاته مع متطرفين.
وعلى الرغم من الفضيحة المدوية الأخيرة التي طالت ماكين، بعد انتشار صورة جمعته ومتزعم تنظيم داعش الإرهابي المدعو “أبو بكر البغدادي” خلال تسلل ماكين السري إلى شمال سورية في أيار من عام 2013، لم يجد السناتور الجمهوري غضاضة من القول: إن “داعش تنتصر”، والحديث عن البغدادي وكأنه يتباهى به قائلاً: “إنه لم يكن يمزح عندما قال لدى إطلاقه من معتقل في العراق “سنراكم في نيويورك”، وأضاف: إن “تجاهل الرئيس الأميركي باراك أوباما لمشورة مستشاريه أدى لإيجاد قاعدة لتنظيم داعش”، مضيفاً: “نحن نواجه حالياً أكثر منظمة مثيرة للجدل متشددة عرفها التاريخ، وليس لدينا استراتيجية لمواجهتها، ولا استراتيجية للتقليل من قوتها والقضاء عليها”.
وكانت قناة سي. إن. إن الأمريكية كشفت مؤخراً أن القوات الأمريكية أطلقت سراح البغدادي بشكل غير مشروط، بعد أن ألقت القبض عليه في مدينة الفلوجة عام 2004، الأمر الذي يعد دليلاً إضافياً على أن البغدادي ما هو إلا أداة تستخدمها.
كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة للبغدادي، الذي تواردت معلومات إعلامية عديدة عن عمله في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، تجمعه مع ماكين بالقرب من الحدود التركية السورية، لتكون هذه الصورة بمثابة برهان على دور الولايات المتحدة في إنشاء هذا التنظيم الإرهابي، ولاسيما أن ماكين قام على مدى السنوات الثلاث الماضية بزيارة العديد من التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق مقدّماً كل أشكال الدعم لها.
وفي بروكسل كشف مسؤول بلجيكي أن المخابرات البلجيكية أحبطت عدة محاولات للقيام بهجمات إرهابية داخل العاصمة بروكسل خلال الفترة الأخيرة، وأوضح رئيس الحكومة المحلية في منطقة بروكسل ريدي فيرفورت أن السلطات المحلية في بلجيكا تخوض مواجهة مع الأشخاص الذين يسعون لفرض قانونهم على الأرض ولتجنيد الشباب في صفوف التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن العمل على المستوى الأمني في بلجيكا يتوازى مع عمل آخر على مستوى البلديات عبر تعاون مكثف بين إدارة أمن الدولة والسلطات المحلية، وكذلك الجمعيات الأهلية بهدف مواجهة خطر انتشار التطرف بين الشباب، ولفت إلى أن إدارة أمن الدولة والشرطة تعرف أين توجد خلايا وجيوب التطرف في بروكسل.
هذا وبدأ ساسة الغرب الإقرار بأن دعمهم للإرهاب في الشرق الأوسط في سياق ما سموه آنذاك “ربيعاً عربياً” كان سياسة رعناء وخاطئة، وذلك عقب ارتداد الإرهاب إلى الدول الداعمة له، وقال رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني: “لقد أخطأ الغرب في السنوات الأخيرة في كل شيء، وبالمقابل اقتنع المتطرفون بأن عالمنا ضعيف تمكن السيطرة عليه بسهولة، وبالتالي فلا بد من الرد والتحرك على الأرض ضد تنظيم داعش الإرهابي”.
ولفت برلسكوني في مقابلة مع صحيفة ميساجيرو الإيطالية إلى أن ما يسمى الربيع العربي زعزع استقرار منطقة شمال إفريقيا بدلاً من جلب الحرية والازدهار إليها، مبدياً الشك بالسياسة الخارجية للحكومة الإيطالية والغرب بأسره، وداعياً أوروبا إلى عدم التفاوض مع “أولئك الذين يهددون قيم حضارتنا”.