مقاربة توضيحية لأهمية تعليمات ترشيد الاستيراد برؤية وزير الاقتصاد.. عاملان أساسيان يحكمان إجراءاتنا والمحافظة على أربعة مبادئ رئيسية لإحداث التوازن بين الجميع
طالعنا الدكتور همام الجزائري وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، بمقاربة مختلفة لإجراءات ترشيد الاستيراد، وفقاً لرؤيته تأتي تلك المقاربة في إطار تحسين كفاءة إدارة التجارة الخارجية وإجراءات منح إجازات وموافقات الاستيراد، التي وحسب وصفه يتم تقديم كامل المرونة للمستوردات من مستلزمات الإنتاج والسلع الضرورية الغذائية منها والدوائية، لافتاً إلى أن مقاربة وزارته لإجراءات ترشيد الاستيراد يحكمها اليوم عاملان أساسيان هما:
أولاً- إدارة الطلب على القطع الأجنبي. إن أحد أهم مصادر الطلب على القطع الأجنبي هو الاستيراد والذي يسبّب ضغطاً صاعداً على الليرة السورية، وحصول المستورد على حق استيراد كميات كبيرة مسبقاً عبر الإجازة يعني طلباً كامناً على القطع الأجنبي يمكن ترجمته طلباً آنياً على القطع الأجنبي بقيم كبيرة في أي وقت، فيشكل عامل مضاربة إضافياً على القطع الأجنبي.
أما ثانياً- فهو الاحتكار وبالتالي المستوى العام للأسعار، فحصول المستورد على كميات كبيرة من الإجازات لاستيراد كميات كبيرة من المادة يعني قدرته على التحكم الأكبر في السوق ومنع دخول المستورد الصغير نتيجة المضاربة في الأسعار والكميات.
في هذا الإطار اتخذت الوزارة إجراءات سريعة لتحديد احتياجات السوق لأهم السلع والمواد، وتمّ ترشيد الاستيراد على أساسها مع الحفاظ على أربعة مبادئ أساسية:
ضماناً لوفرة السلع..
المبدأ الأول: “تحقيق وفرة السلعة وضمان عدم فقدان أي سلعة من السوق”، إن استمرار دخول كافة السلع إلى السوق عامل تبرز أهميته باستمرارية تواجد السوق السورية على خارطة شبكات الإنتاج والتوزيع العالمية، خاصة وأن الطلب على السلع حتميّ، فإما أن توفر هذه المادة استيراداً أو تهريباً، وبالتالي لم تتبنَ سياستنا للتجارة الخارجية منع استيراد أي مادة إلا في الحالات الاستثنائية الضيقة جداً، وفي هذا الإطار نتواصل مع أهم المستوردين للمواد الأساسية لتحديد الحدّ الأدنى من الكميات المستوردة التي تحقّق جدوى اقتصادية للمستورد في عملية الشراء والشحن والتأمين.
توافق الاقتصاد والمركزي
المبدأ الثاني: “إعطاء الأولوية لاستيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية”، فالطلب على استيراد هذه المواد وإن شكل ضغطاً على الليرة السورية وطلباً للقطع الأجنبي آنياً، إلا أنه على المدى المتوسط والطويل يعزّز البنية الاقتصادية من خلال زيادة الإنتاج لسلع كان يتمّ توفيرها استيراداً أو من خلال زيادة فرص التصدير، وبالتالي تحقيق مورد إضافي للقطع الأجنبي؛ وهنا يتم التوافق بين سياسة وزارة الاقتصاد ومصرف سورية المركزي على تعزيز استيراد وتمويل مستوردات مستلزمات الإنتاج. ومنذ بداية العام 2014 بلغت الموافقات لاستيراد الذرة الصفراء 100 مليون يورو حتى نهاية شهر تشرين الأول وكذلك 90 مليون يورو كسبة فول الصويا وهما مادتان تدخلان في صناعة أعلاف مربي الدواجن، مما انعكس إيجاباً على تعافي قطاع الدواجن وتحسّن مستويات الإنتاج المحلي من هذه المادة (انخفض سعر كيلو الفروج من 1000 ل.س العام الماضي إلى 350-450 ل.س اليوم).
ضبط الموافقات للحماية
المبدأ الثالث: “حماية الإنتاج الوطني”، عبر ضبط موافقات الاستيراد وتخفيضها للسلع والمواد التي تنتج محلياً، أو بدأت بالتعافي لزيادة الإنتاج والتوسع بالتشغيل، وهذه الحماية ليست كاملة وإنما جزئية وتدريجية ومؤقتة لرعاية المنتج المحلي في المرحلة الحالية. وتتم هذه الحماية عبر لجنة حماية الإنتاج الوطني في وزارة الاقتصاد لضبط دخول السلع المنافسة عبر اعتماد الأدوات الآتية: التحقق من صحة المنشأ للسلع والبضائع التي يتمّ استيرادها، التحقق من المواصفة الوطنية السورية، التحقق من قواعد عدم الإغراق.
أدوات لحماية منتجنا
وهي أدوات لا تستند إلى التعرفة الجمركية ويمكن استخدامها لحماية الإنتاج الوطني “Non-Tariff Barriers”، وقد بدأت الاقتصاد استخدامها تجاه سلع عديدة تردنا من لبنان والأردن والسعودية ومصر، لا تحقق قواعد المنشأ والمواصفة الوطنية السورية وعدم الإغراق، ومن هذه المواد: الزيوت والسمون النباتية (التي بدأ قطاع الإنتاج المحلي يتعافى في توفيرها ذاتياً)، الحديد (لاستيفاء رسوم جمركية على استيراده من دول غير عربية (روسيا– أوكرانيا)، وتعزيز موارد خزينة الدولة، وكذلك الألبان والأجبان.
اتفاق لتطوير المواصفات
وتمّ الاتفاق مع الجهات المعنية لتطوير المواصفة الوطنية السورية للسلع المنتجة محلياً، بهدف تأمين حماية أكبر لمنتجات عدة كالدواجن والزيوت والسيراميك والألبسة والمفروشات، وتسعى “الاقتصاد” للانتقال إلى حزمة سياسات تتعلق بالألبان والأجبان لتحقيق التحوّل نفسه، مستفيدين من انخفاض أسعار مستلزمات الإنتاج، ولأجل هذا تلتقي مع أهم الفاعلين في هذا القطاع لإعادة إحيائه وتوسيع الإنتاج فيه.
وفي هذا الخصوص تمّ تشكيل لجنة برئاستنا وعضوية كل من السادة معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون التجارة الخارجية ورؤساء اتحادات غرف التجارة والصناعة والزراعة والمصدرين وممثلين عن مديرية الجمارك العامة ومصرف سورية المركزي ومدير مديرية التجارة الخارجية، بهدف تحديد الآليات المناسبة لرفع كفاءة إدارة التجارة الخارجية، ووضع المعايير للمواد والسلع ذات الأولوية للاستيراد في ظل عملية ترشيد الاستيراد، وابتكار وتطوير الأدوات للتدخل والارتقاء بالتجارة الخارجية بغية تعزيز نمو وحماية الإنتاج المحلي، وتعزيز القدرات التصديرية الوطنية، وزيادة مساهمة القطاع التصديري في الناتج المحلي الإجمالي.
وحبة بركة
وضماناً لرفع كفاءة إدارتنا للتجارة الخارجية وتحقيق مبادئ المنافسة العادلة، تمّ تفعيل مكتب الشكاوى في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وتخصيص رقم هاتف (2324443) والبريد الإلكتروني: minister @syrecon.gov.sy وبريد إلكتروني لتلقي أي شكوى أو فكرة أو مبادرة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com