“كالعيس..” إلى متى..؟!! “أكلُّ مَنْ جاء من الصّحراء أخوك يا زهراء؟!”..
واحد من الأمثال المتداولة، وقيل في سببه أنّ امرأةً لم يكن لها إلاَّ أخٌ، تَغرَّب عنها إلى الصحراء، ثم انقطعت أخباره عنها، فاهتمّت لغيبته واغتمّت، وأصابها من الحزن ما أصابها، ومع كل هذا لم تقطع حِبال آمالها بأوْبته، وكانت كلّما سمعت بِمَقْدَمِ قادمٍ من الصحراء هبَّت إليه صارخة متلهفة مستنجدة: أخي، أخي! غير ناظرةٍ إلى وَصْفِهِ وفصله أو أصله، فكثر خطؤها، حتّى قيل لها: «أَكُلُّ مَن جاء مِن الصحراء أخوك يا زهراء»؟!.
نعم ليس كل المشاريع الاستثمارية التي كانت شملت ولم تنفذ وحذرنا منها أنها تندرج تحت إطار مشاريع وهمية، هدفها التعطيل وقطع الطريق على المشاريع الحقيقية التي أبدعتها العقول السورية، لكن للأسف كم كتبنا وصرخنا أكثر، أن احتضنوها فبها قد يكتب المؤرخون –و لا نغالي- تأريخ عصور جديدة يصنعها السوريون أنفسهم.
نحن نعلم يقيناً أن لدينا العديد من المشاريع والعقول، والمشاريع التي باستطاعتها إيجاد الكثير من الحلول لمعضلات يعتقدها البعض مستحيلة لكنها بالواقع في متناول اليد.
والمصيبة أننا نعمد بألاَّ نعلم أيضاً من له مصلحة في التعتيم على تلك المشاريع التي قد تؤسّس لعصر جديد من الطاقة المتجددة تكون الريادة لنا فيها إكليل غار.
عقول وأيادٍ سورية، أخيراً وجدت من يمدّ لها اليد، فها هي غرفة صناعة حلب تقدم خمسة ملايين ليرة لأي مخترع يقدم حلاً يغني عن استعمال المازوت أو الكهرباء أو الفيول أو الخشب في توفير التدفئة المنزلية، مع إعلان استعدادها لتبني كامل مشروعه إنتاجياً وإعلامياً وتسويقياً..
تعلن ولعلها تعلم أن هناك من يستطيع، وأن مشروعاً كهذا ليس بمستحيل، بل قد يكون متوفراً.
ودليلنا ما هو منشور في هذه الصفحة أمامكم، وكنّا تحدثنا مراراً عن مشاريع لمبدعين ومخترعين سوريين يمتلكون كل ما قد يكون حبل خلاص وليس مشنقة لمليارات من الليرات التي تعدم أمام أعيننا وحتى بأيدينا!!.
وقبل ذلك بأكثر من أسبوع، تناقلنا خبر الطالبة السورية ياسمين يونس دعتور الموفدة من كلية العلوم الطبيعية بجامعة تشرين إلى جامعة ألميريا الإسبانية، التي نالت درجة امتياز على أطروحتها أمام اللجنة المسؤولة والمشرفة المؤلفة من أساتذة وأكاديميين من عدة جامعات إسبانية لنيل شهادة الدكتوراه في مجال الوراثة النباتية بعنوان “التعديل الوراثي لطحلب سيكندسموس بهدف إنتاج الديزل الحيوي” بحضور عدد من المهتمين بعلم الوراثة النباتية في بعض الجامعات الأوروبية، لكونها بحثاً يتميّز بإدخال مورثات خاصة لزيادة كمية الدهون الثلاثية بهدف إنتاج الديزل الحيوي كمصدر للطاقة البديلة.
الطالبة العالمة الموفدة لقيت كل التقدير والتصفيق من الحاضرين في قاعة المناقشة عندما طلبت من اللجنة وبإصرار لصق علم وطنها سورية على شاشة العرض، مشيرة إلى أنها ستعود في أقرب وقت إلى حضن الوطن للمساهمة والمشاركة مع أبناء شعبها في الدفاع عن الأرض السورية، وبناء حصونها بالعلم والمعرفة والخبرات التي ستكون السلاح الأمضى في مواجهة العقول المتصحرة.
والسؤال الذي لن نمل أبداً من طرحه حتى ولو أحدث صمماً متعمداً هو: متى -وكما عنّونا هنا مؤخراً– يكون لنا فرصنا.. التي نصنعها؟!!..
وإلى متى سنظل كما جاء في قول الشاعر:”كالعِيسِ في البيداءِ يقتُلها الظما.. والماء فوق ظهورها محمول”؟!!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com