محليات

الحرب بسلاح “الإحباط”؟!

بين عامي 2000 و2014 ليس 14 عاماً فقط، بل فرق كبير في تجربة لاح بريقها لفترة وعاد وخبا لتولد من جديد على صفيح الحرب الساخنة، لتشكل وزارة التنمية الإدارية مكسراً يعرف صاحب القرار ضرورات تقويته وتدعيمه، ليكون المشروع بمثابة الهدف الحيوي لتصحيح الوظيفة العامة، ومحاربة الفساد الإداري وتقديم خدمات المواطن، وليس مجرد تدريب وتأهيل ورفع كفاءة كما يظن البعض.
ندرك أن حساسية المرحلة تفرض إيقاعاً من الخصوصية والظرفية التي قد لا يستسيغها البعض، لكن عند من يعرف طعم المواجهة والمجابهة وتحدي المحن فإن لجدوى تثبيت مشروع التنمية الإدارية حاجة ملحة، لا بل مطلقة عند من يبحث عن تحصين الانتصار الجارية مفاعيله في ميادين المعارك الدائرة مع أعداء الإصلاح والبناء والنمو، وبالتالي لا يمكن الأخذ بمبدأ الترحيل والتأجيل حتى تضع الحرب أوزارها، لأن زمن الأزمة وما بعدها يحتاج نوعاً جديداً من القيادات الإدارية ونموذجاً مختلفاً من المؤسسات ونهجاً وآليات نوعية للإدارة العامة؟!.
إذاً ثمّة إجماع على أن من يدعون للترقب والانتظار وتسويف القضايا والملفات ومماطلة الأولويات وركن المطلوب تحت ذريعة أن الوقت غير مناسب، هم من يمارسون تخريباً و”إرهاباً” مبطناً، ويمارسون دماراً مادياً واقتصادياً واجتماعياً  وثقافياً سلاحه الفتاك والمدمر “الإحباط” والقنوط، وبالتالي معه حق وزير تنميتنا القديم الجديد حسان النوري أن يناضل على جبهات الجهات والوزارات والمؤسسات معلناً أن وقت إصلاح الإدارة حان حتى ولو كره الفاسدون وتململ المترهلون وضجر البيروقراطيون، وعلا صوت المستفيدين والمتاجرين بفتات الحرب وكعكتها العفنة؟!.
ومادمنا في مجال الحقيقة التي لا يمكن القفز فوقها، فإن متنوري وعرابي التحوّل الذي يشق طريقاً مزروعاً بالأشواك البشرية والركام المؤسساتي والتشاؤم الرمادي، يراهنون على الأمل والنجاح في استثمار ما تبقى من رأسمال فكري وإنساني ليكمل مسير المستقبل الذي أعطاه النوري نفسه في أحدث تصريحاته فرصة طويلة وليست مجتزأة وحارقة لحسن تنفيذ البرنامج الذي يقوم به ما يقرب من 34 وزير تنمية إدارية.. “في إشارة للوحدات والخلايا المشكلة في الوزارات”.. وليس وزيراً واحداً، كما يوصف وزير غازل مقعد الرئاسة بعد زمن على حرب ضروس مورست بحق الوزارة عام 2000 ليعود الاختلاف ليكون سيد الموقف عند دولة لا تعير لطاحون المعارك الكثير من الاكتراث عندما تجنح للبناء والإصلاح، لأنه ببساطة العارف “الزمن تغيّر” ولا مجال للجمود بل للحراك باتجاه الحياة التي لا يرتضيها المجتمع كما كانت قبل الحرب بل أفضل منها؟!.
هو تعويل يأتي على مقاس الطموح لوزارة يفترض أن تحدث فرقاً على عكس ما كانت عليه عندما كانت قبل 14 عاماً لقباً، وهنا تتجذّر المعادلة لدولة اتخذت القرار بصناعة المسار القائم على قلب مفاهيم العمل المؤسساتي إدارياً.. فهل يسمح أعداء الإصلاح في الجهاز الحكومي للمشروع أن يمر دون أن يعلقوا نعوته شاباً كما حاربوه في زمن الحبو؟!!.
علي بلال قاسم