شرفيّة المؤسسة المثالية..؟!
قد يكون الطرح طوباوياً أو افتراضياً، لكن بتدقيق بسيط نجد أنه أقرب إلى الواقعية والجدوى التي تختزن قيماً مضافة ونتائج جمّة، فأن تقوم الأجهزة الرقابية والتفتيشية بإعلان القائمة المثالية للمؤسسات الأكثر خلوّاً من التجاوزات والأخطاء والارتكابات الإنتاجية والمسلكية المدعومة بتحقيق أعلى نسب تنفيذ للخطط والبرامج، هو الصواب والحقيقة التي تعطي ثماراً بعضها نفسي ومعنوي وجلّها إصلاح للإدارات والمؤسسات ذاتها بأدوات تقوم على مقاييس واعتبارات “النصف الملآن” وليس الفارغ الذي لا يقدّم ولا يؤخّر في سياق البحث عن حلول للتقييم وتصويب المسار الإداري في كومة قش الفساد والممارسات التي نخرت الجسم الوظيفي وسبّبت عاهات وعيوباً مكتسبة بعدما كان الخلق مكتملاً وصحيحاً نوعاً ما؟.
في أكداس التقارير والدراسات الرقابية والتفتيشية تكثر المعلومات والأرقام والمعطيات التي تعطي تقييماً واضحاً للوزارات والمؤسسات، وبالتالي من السهولة بمكان تصنيف وتوصيف الجهات ووضع قوائم ترتيبية تظهر المجدّ والنشيط من المترهّل والضعيف، وتميّز بين الرابح والخاسر وتحدّد المخطئ من المصيب، ولا تتطلب المسألة أكثر من اتخاذ قرار بعد حسم النيات باتجاه فرض خانات تعطي درجات وعلامات تتناسب مع كل نشاط وعمل، وهذا ما تم الاشتغال والعمل عليه، وليس جديداً في أغلب الجهات المكلفة ملف المتابعة والمحاسبة، وحسبما يسرّب من هذه الأروقة فإن ما نحن بصدده موجود ويطبّق ويشتغل بموجبه ولا ينقصه سوى الإشهار والإفصاح عمّن فاز بالمرتبة “المثالية” التي يمكن أن يكون لنشر إنجازاتها نتائج رقمية واقتصادية وثقافية تعطي مؤشرات ودلالات أن المثقال الذي يعمل سيصل إلى لوحة الشرف التي لا مانع أن تكون وسائل الإعلام والإعلان ساحة لعرضها والترويج لها، علها تكون قدوة وأنموذجاً للأخريات اللواتي آثر قادة الإدارة فيها الأذى ونأى بنفسه عن العمل النظيف والشريف وخرج عن القانون بذرائع عدم المسؤولية ومواربة الحقائق وإدارة الظهر للاستحقاقات والتحدّيات والتهرّب من أعباء وضريبة الإصلاح بحجج اجتررناها عقوداً؟.
في تطبيقات الفكرة الآنفة ثمّة اختزال حُكي عنه الكثير في خطب ومحاضرات وندوات وقراءات التنظير الجاهز والأكاديمي، يتجسّد بخطوة التقييم التي تتعلق بكل مؤسسة وتصل إلى نتيجة تلمّسناها في الكثير من المؤسسات والشركات والمشافي الخاصة، حيث تعلو الجدران في الأماكن البادية للعيان لوحات أظهرت صور وأسماء من نالوا لقب الموظف المثالي، في حين بقيت الجهات الحكومية بعيدة عن خطوة مهمّة وحيوية كهذه؟.
بالعموم ليس هناك من تكاليف وحسابات أو حتى تحليلات تقول إن تنفيذ خطوة كهذه له مفاعيل سلبية أو مؤذية، فهي خالية تماماً من العيوب ولا يمكن التوجّس من الآثار الافتراضية لإشهار أبطال اللوحات من وزارات ومؤسسات وشركات وموظفين نزيهين يستحقون تكريماً معنوياً صرفاً، ولن نقول مادياً، على الأقل حتى لا تتململ وزارة المالية في زمن الخوف على الموارد والموازنات؟.
علي بلال قاسم