الصفحة الاولى

عبد اللهيان وبوغدانوف يشددان على أهمية الحوار والمصالحة الوطنية في سورية "منتدى" موسكو يختتم يومه الثاني.. وممثلو المعارضة يتفقون على نقاط عدّة خبراء: "الائتلاف" دمى تحركها مصالح إقليمية ودولية.. ولا تريد حلاً حقيقياً للأزمة

موسكو-سانا-وكالات:
انتهت اللقاءات التشاورية بين ممثلي المعارضات السورية، في يومها الثاني، بالاتفاق على نقاط عدة، لمناقشتها اليوم مع الوفد الحكومي السوري، وتمّ خلال اجتماعات الأمس، والتي أجريت وراء الأبواب المغلقة ودون تغطيات إعلامية كما قرر منظمو هذه اللقاءات الروس التركيز على المشتركات، وأولوية مكافحة الإرهاب، والأزمة الإنسانية في سورية.
ويتحدّث مشاركون، في بهو الفندق الذي استضافهم، عن تقاطعات فيما بينهم، مشيرين إلى تفاؤل بموقف روسيا وتاريخها غير الاستعماري، وأفاد موقع روسيا اليوم أن المعارضة وضعت على جدول أعمالها عدة نقاط لبحثها مع الحكومة، منها: الوضع الإنساني وإدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى كافة المناطق، ومواجهة التدخل الخارجي، والعمل على رفع العقوبات.
وأطلقت روسيا على اجتماعات موسكو تسمية “منتدى” لكونها ليست “حواراً” أو “مفاوضات”، ولا جدول أعمال مطروحاً على الطرفين لبحثه، بل هو لقاء تشاوري يمهد لحوار قد يجري لاحقاً في موسكو أو في دمشق، وفق ما يتفق عليه المجتمعون، وخاصة أن روسيا حريصة على أن يكون اللقاء من دون أي تدخل خارجي، وينتج عنه فقط ما يتفق عليه المجتمعون.
وانطلقت المشاورات، والتي تستمر حتى 29 كانون الثاني، أمس الأول، ويشارك فيها أكثر من 30 شخصية من ممثلي المعارضة، وأعرب سمير هواش عضو المكتب السياسي لحزب الشعب المشارك في اللقاء التشاوري حول الأزمة في سورية في حديث لمراسل سانا في موسكو عن الحاجة للتوافق والحوار حتى نتمكن من تحقيق الحل السياسي إلى جانب مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن الحوار بين ممثلي المعارضات السورية سيمكنهم من التوصل إلى اتفاق على رؤية موحدة لكيفية الخروج من الأزمة في سورية.
ولفت هواش إلى وجود “انقسامات” حادة جداً بين أطراف المعارضة من حيث الرؤى الموجودة لدى كل طرف منها، وهذا ما يفسر الحاجة الملحة للحوار للاطلاع على جميع وجهات النظر وجهاً لوجه لنتمكن من صياغة رؤية واحدة، أو على الأقل متقاربة للخروج من الأزمة التي تمر بها بلادنا، وقال: إننا يجب أن نكون متفقين جميعاً على أن نقف خلف الجيش العربي السوري في مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”جبهة النصرة” وأخواتهما، والتي لا يمكن لأحد حتى التفكير في الحوار معها أبداً.
واعتبر ماجد حبو أمين سر هيئة التنسيق في المهجر أن لقاء موسكو التشاوري هو منصة إعلامية بالدرجة الأولى وسياسية أيضاً من أجل إيصال صوت المعارضة، التي تؤمن بالمشروع الوطني الديمقراطي ولا تسيء لمصطلح السيادة، بمعنى أنها ليست تابعة لمشاريع إقليمية ودولية من أجل إيجاد الطريق بالتوافق مع كل الأطراف، حكومة ومعارضة، بهدف الخروج بحل سياسي للأزمة في سورية.
وقال عبد المجيد حمو الأمين المساعد لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي: إننا نلتقي كسوريين من أجل البحث عن إيجاد مناخات تحقق الأمن والأمان للمواطنين، والسعي من أجل التوجه نحو مفاوضات تحقق الحل السياسي، ومعرباً عن اعتقاده بأن لقاء موسكو بين السوريين ليس بديلاً عن جنيف بل هو من أجل إيجاد مناخات للانتقال إلى وضع أفضل وأسس للانطلاق نحو تحقيق ما قرره جنيف1.
وقال فاتح جاموس عضو تيار الطريق السلمي وجبهة التغيير والتحرير: إن الأطراف التي لم تحضر إلى موسكو أرادت أن تخرب حتى النهاية هذا اللقاء، بينما تبدو الأطراف التي حضرت جاهزة للوصول إلى حد ما من التوافق، رغم بعض الخلافات فيما بينها، واصفاً لقاءات موسكو بأنها مهمة جداً، واعتبر أن هناك إمكانية للنجاح في السير بخطى كبيرة نحو العملية السياسية لأن عينة المعارضة المتواجدة في موسكو، والتي عمل الروس على جمعها، تختلف كلياً عن عينة المعارضة التي كانت في جنيف، معرباً عن تفاؤله “بالحدود الأولية” لإطلاق سلسلة من الخطوات التي تساعد على تحقيق أمل بسيط للخروج من الوضع الراهن في سورية.
وفي مقابلة مماثلة أشار الشيخ محمود العرق ابن عروج، شيخ قبيلة بني لام في سورية عضو مجلس قيادة العشائر في سورية، إلى عدم وجود أي أجندات سياسية لوفده، فيما عبّر الشيخ قصي الويس، عضو مجلس العشائر السوري، عن أمله بأن يفضي هذا اللقاء إلى التوافق على رؤية موحّدة تجاه الأزمة في سورية والعمل بشكل موحّد ضد الإرهاب، وأعرب الشيخ أحمد حسن العلي، من عشيرة شعيطات في دير الزور، عن أمنياته أن يمهد هذا اللقاء لحوار ينهي المآسي التي يعيشها الشعب السوري.
من جانبه قال الشيخ رضوان محمد الطحان شيخ قبيلة الأيم من الجولان: إننا على أمل بأن تتوافق كل الأطراف من أجل إيجاد صيغة لحل هذه الأزمة التي لا يمكن أن يحلها إلّا السوريون بذاتهم.
وكانت الخارجية الروسية أكدت أن هذا اللقاء هو تشاوري وغير رسمي يجري دون  شروط مسبقة، ولن يقر أي وثائق، ولن يشارك فيه أي مسؤولين روس على أي مستوى، كما لن تتمثل فيه دول أخرى، بل يساعد في إدارته وتنظيمه باحثون وخبراء روس متخصصون في شؤون الشرق الأوسط، وعلى رأسهم البروفيسور فيتالي نعومكين مدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية.
إلى ذلك، قال قسطنطين سيفكوف رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية في روسيا الاتحادية: إن روسيا وضعت أمامها مهمة تنظيم لقاء سوري-سوري “عادل ومتوازن”، بهدف الوصول إلى حل سياسي ووقف سفك الدماء في سورية، وأوضح في مقابلة مع مراسل سانا أن روسيا لا تسعى إلى فرض هيمنتها في المنطقة أو إجلاس موالين لها في سدة الحكم، كما تحاول الولايات المتحدة فعله في أماكن مختلفة من العالم وأن تكرر ما حاولت الدول الغربية فعله بإجبار الشعب السوري على تغيير الحكم بتنصيب مجموعة قطعت علاقاتها مع هذا الشعب ومقيمة منذ فترة طويلة في تركيا ومدعية بأنها “معارضة حرة”، وأشار إلى أن المبادرة الروسية لم تفرض أي شروط مسبقة، وهي تصر على أن مصير سورية يجب أن يحدده الشعب السوري فقط.
وفي مقابلة مماثلة أكد سيميون بوغداساروف النائب السابق في مجلس الدوما الروسي، ومدير مركز دراسات بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن أي لقاء بين أطراف مختلفة لا بد أن يثمر عن حلول بناءة، لكن المسألة هي في الأطراف المشاركة في هذا اللقاء، مشيراً إلى أنه يجد صعوبة بفهم من سيمثل المعارضة نظراً لأنها ممثلة بمئات التنظيمات، مشيراً إلى أهمية مشاركة شخصيات وفعاليات اجتماعية ودينية في اللقاءات السورية-السورية.
من جانبه أشار بوريس دولغوف، كبير الباحثين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى وجود من يعمل على إفشال هذه الجهود وعرقلة حل الأزمة في سورية، منتقداً تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول مواصلة بلاده دعم “المعارضة المسلحة” التي تواصل تنفيذ عمليات إرهابية ضد الشعب السوري، وواصفاً تلك التصريحات بأنها لا تنسجم مع مزاعم الإدارة الأمريكية حول سعيها إلى حل الأزمة بالطرق السياسية، ووصف المعارضين الذين امتنعوا عن الحضور واستغلال هذه الفرصة، في إشارة لائتلاف أردوغان-حمد، بأنهم دمى تحركها مصالح إقليمية ودولية، ولا يرجون حلاً حقيقياً للأزمة في سورية، معتبراً أنهم يبعدون أنفسهم عن المشاركة مستقبلاً في عملية الحل وترسيخ الاستقرار في سورية.
وعبّر فيكتور ستيبانيوك رئيس الحزب الاشتراكي الشعبي في مولدافيا عن تأييد حزبه لمثل هذا المدخل للتوصل إلى حل للأزمة في سورية لأن الحوار يشكل السبيل الوحيد الذي يجب على القوى السياسية في سورية أن تتبعه.
وفي طهران، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان في اتصال هاتفي أجراه أمس مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، وذكرت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن الجانبين بحثا خلال الاتصال تطورات الأوضاع في سورية، وسير اللقاء التشاوري السوري- السوري، وشددا على أهمية الحوار والمصالحة الوطنية في سورية.