علامة مسجلة
لكل اقتصاد عالمي وطموح مُنتَج يميّزه عن نظرائه من الاقتصادات الأخرى، فهو يحمل بصمة الدولة المُنتجة له ويختزل ثقافتها وتاريخها، بل ويحفز كل من يتعاطى أو يتعامل مع هذا المنتَج أن يزورها كي يطّلع أكثر على تفاصيل وحيثيات تراثها وكيفيّة ابتكارها له.
وليس بالضرورة أن يكون منتَجها هذا أساسياً وحتمياً، أو أنه يحتاج إلى خبرات وإمكانيات من نوع خاص، لكن المثابرة عليه والاعتناء به يوصلان الدولة المُنتجة له إلى مرحلة الإتقان الكامل ليكون مطلباً ملحاً رغم بساطته، إضافة إلى حُسن ترويجها له لدرجة جعلت منه مادة مرغوبة في جميع أسواق العالم، تماماً كما فعلت سويسرا بساعاتها لتجعل منها ماركات عالمية مطلوبة، وكذلك الهند ببخورها، وهولندا بورودها..الخ من منتجات حملت بالفعل هوية مصنّعيها رغم إمكانية تصنيعها أو إنتاجها في أي دولة بالعالم، مع فارق بسيط أن تلك الدول أتقنت التسويق وفتح الأسواق بعد الإنتاج.
لايخلو اقتصادنا الوطني من منتجات -ولاسيما الزراعية- يمكن أن تتصدّر الأسواق العالمية إذا وجدت الإرادة الحكومية الفعلية للتركيز عليها لتأخذ حيّزاً مرموقاً وتتصدّر الأسواق العالمية في حال حظيت بالترويج المطلوب لها، وبالتالي تحقّق عوائد مالية جيدة خاصة وأن للمنتجات الزراعية أسواقاً عالمية واسعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (الكمون– حبة البركة– قمر الدين– العدس..الخ) كلها منتجات بسيطة لا تحتاج إلى خبرات ورؤوس أموال كبيرة أو تقنيات من نوع خاص، فهي لاتزال مغمورة في بلادنا ويقتصر استهلاكها على نطاق ضيّق لا يتعدى أحياناً حدود الأسرة المنتجة لها رغم فوائدها الصحية بشهادة الأبحاث العلمية والطبية المحلية منها والعالمية.
ولعلّ تجربة تصدير القمر الدين السوري إلى مصر خير دليل على إمكانية توسيع هذه التجربة لتشمل أسواقاً عربية وإسلامية، خاصة وأن هذا المنتج مرتبط بشهر رمضان المبارك، فما المانع أن تنسحب هذه التجربة على باقي المنتجات الأخرى المغمورة ليكون لها أسواق عربية وعالمية؟ ناهيك عن بعض المنتجات الحرفية المستقطبة لسياح أتوا من وراء البحار ليلحظوها بأم أعينهم..!.
ألا يحق لاقتصادنا الوطني أن تكون له علامة فارقة تميّزه؟.
سؤال نضعه برسم راسمي الاقتصاد السوري.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com