الصوت السوري يرتفع في لقاء "برلمانيي المتوسط" في موناكو: تـجفيـف مـنـابـع الإرهــاب والـقضـاء عليه أينما وجد
في محاولة لتغييب صوت الشعب السوري، ومنع برلمانه من إيصال صوته لبرلمانيي حوض المتوسط وشعوبهم، وفي إجراء يتنافى مع ميثاق الجمعية، امتنعت السلطات الفرنسية عن منح أعضاء الوفد السوري تأشيرات الدخول للمشاركة في اجتماعات الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، لكن الوفد السوري تمكن من الوصول إلى موناكو بتأشيرة، وإيصال الصوت السوري إلى المجموعة الجيوسياسية الجنوبية في الجمعية، والتي أدانت بالإجماع الخطوة الفرنسية.
وخلال لقائه رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط السيناتور فرانشيسكو أموروزو، على هامش الاجتماعات، دعا رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام إلى استخدام الدبلوماسية البرلمانية لحث القوى الإقليمية والدولية على تجفيف منابع الإرهاب والقضاء عليه أينما وجد، مؤكداً ضرورة حشد الجهود البرلمانية في مواجهة الإرهاب والتطرف ضمن منطقة حوض المتوسط التي تشكل قلب العالم، وأشار إلى أهمية بلورة تشريعات حاسمة تتعلق بمنع انتشار موجات التطرف والإرهاب، وتجنيد الإرهابيين، ووقف تسللهم عبر الحدود إلى سورية وغيرها من الدول التي تعاني من آفة الإرهاب، منبهاً إلى ضرورة التزام جميع الدول بمكافحة آفة الإرهاب لما تشكله من خطر على العالم أجمع.
وفي كلمة له خلال الاجتماعات أكد اللحام أن موجة الفوضى والاضطرابات، التي بدأت قبل أربعة أعوام بضرب الساحل الجنوبي للمتوسط، وامتدادها إلى بلاد الشام في سورية والعراق، وسميت بـ”الربيع العربي”، كانت خريفاً قاسياً أدمى الشعوب العربية،
وقوّض المكتسبات الكبيرة التي تحققت لهذه الشعوب على صعيد الخدمات والتنمية والحريات العامة وحقوق الإنسان، وأدت إلى وجود بيئة مضطربة انتشر خلالها الإرهاب، الذي تغذّى من قوى خارجية، وكذلك من قوى إقليمية، سعت إلى إذكاء الفتنة الطائفية كحامل لهذه الفوضى وأداة لتفكيك المجتمعات العربية والدولة الوطنية وإضعافها تمهيداً للسيطرة عليها، وأضاف: بعد سنوات أربع من تدخل غربي وإقليمي ودعم لا محدود بالسلاح والتمويل وتمرير المقاتلين الأجانب إلى سورية وإفتاء للتكفيريين من منابر خليجية بـ”الجهاد المقدس” في سورية والحشد الإعلامي المحرّض على القتل، استفاق العالم، ليجد أن الإرهاب أصبح الخطر الأكبر في منطقتنا، وأن ما تدعمه القوى الغربية والإقليمية تحت مسمى “ثوار أو جيش حر” لم يكن سوى تنظيمي “داعش وجبهة النصرة” الإرهابيين، اللذين دفعا بمجلس الأمن الدولي للاجتماع والخروج بالقرارين 2170 و 2178 لمحاربتهما، وكل ما يرتبط بتنظيم القاعدة الإرهابي، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، الذين تجاوز عددهم الآلاف من أكثر من 83 دولة، وعبر الحدود التركية والأردنية.
وأكد اللحام انه بالرغم من إدراك العالم اليوم مخاطر انتشار الإرهاب والتطرف في حوض المتوسط من تونس إلى ليبيا ومصر وسورية ولبنان والعراق وآخرها في باريس بقيت الاستجابة الدولية لمكافحة الإرهاب قاصرة ورهن سياسات خاطئة، وبقيت مواقف الدول الغربية وبعض دول الجوار بعيدة عن الالتزام بمحاربة الإرهاب بشكل حقيقي، فالولايات المتحدة تريد محاربة الإرهاب في سورية بدون التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية، كما أن الحكومة التركية ترفض التعاون في محاربة تنظيم “داعش” وضبط حدودها لوقف تسلل الإرهابيين والمقاتلين الأجانب، وأضاف: من يرد محاربة الإرهاب فعليه أن يلتزم بقرارات مجلس الأمن، وأن يتعاون وينسق مع الدول التي تتعرض للإرهاب وفق استراتيجية دولية شاملة بعيدة عن المعايير المزدوجة والمصالح الآنية، وليس عبر تدريب مسلحين تحت أي مسمى كان، ولفت إلى أن من يعمل على تدريب أي مسلح سوري خارج إطار الدولة السورية شريك للإرهاب.
وأشار اللحام إلى جهود دبلوماسية برزت مؤخراً، بعضها تحت المظلة الدولية، وبعضها الآخر من خلال تحركات دولية حميدة بهدف تخفيف حدة الأزمة في سورية، وتوفير أجواء لإطلاق حوار بين الأطراف السورية، ومن تلك الجهود مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لتجميد القتال في بعض المناطق السورية، والجهود الروسية التي جمعت الحكومة السورية مع معارضين في موسكو بهدف إجراء مشاورات حول آليات الحوار والقواسم المشتركة في أي عملية سياسية قادمة، وأكد ترحيب سورية بهذه الجهود، وشدد على أن أي حل سياسي في سورية لا يمكن أن يكتب له النجاح ما لم يقترن بتحرك حقيقي لمواجهة الإرهاب والفكر التكفيري المتطرف، وتابع: نتطلع إلى الجمعية البرلمانية للبحر المتوسط لأن تقوم بدور ريادي في إطفاء الحرائق والتوترات في حوض المتوسط، ومحاربة الإرهاب، عبر استخدام الدبلوماسية البرلمانية لحشد الجهود الدولية لمحاربة هذا المد السرطاني القاتل.
وكانت أعمال الدورة التاسعة للجمعية، التي تضم 26 عضواً، انطلقت، أمس، وعلى جدول أعمالها مجموعة من القضايا ذات الأولوية في منطقة حوض المتوسط، وفي مقدمتها الآثار الإنسانية للأزمة في سورية، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والإصلاحات الديمقراطية الجارية في جنوب المتوسط، وقضايا التغيّر المناخي، وحماية المدنيين وحقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، والتحديات المرتبطة بالهجرة.