ثقافة

المؤسسة العامة للسينما في خمسين عاماً: 66 فيلماً طويلاً بقيادة 29 مخرجاً من سورية وخارجها

بعيداً عن أحكام القيمة وعن أحكام العاطفة، ورغبة من نضال سعد الدين قوشحة كمعد ومؤلف لكتاب “المؤسسة العامة للسينما في خمسين عاماً” الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يأتي هذا الكتاب، كما جاء في التمهيد، لبناء منظومة شبه متكاملة عن عمل المؤسسة بلغة الأرقام، لتقدم معلومات مجردة دقيقة لا تحمل في ثناياها أي عاطفة أو محاباة أو تزييف.
ويؤكد قوشحة أن الهدف من هذا الكتاب المتضمن دراسة دقيقة لعمل المؤسسة خلال نصف قرن لا يتضمن أية رغبة في إطلاق أحكام قيمة، بل الهدف بيان ما كان في جانب الخطأ وجانب الصواب، ثم الوصول إلى مؤشرات تدل على ما هو كائن، وتبيّن الطريق إلى ما يجب أن يكون حيث لا بد بعد نصف قرن من العمل من وقفة يعرف من خلالها القائمون على المؤسسة كيف كان عملهم، وكذلك لوضع خطط لمستقبل هذه المؤسسة الفريدة في عملها على مستوى الوطن العربي، مشيراً إلى أنه وكل من ساهم في إنجاز الكتاب قد توخى كل الدقة والتجرّد، ومع ذلك فالجميع يرحبون بأي تصويب لتصحيح ماتم التوصل إليه، رغبة في تنفيذ ما فيه المزيد من الفائدة للسينما السورية ، مبيناً أنه في الشهر الحادي عشر من عام 1963 ولِدت المؤسسة العامة للسينما، وفي نفس الشهر من عام 2013 أتمّت خمسين عاماً من عمرها، وكانت الرغبة في تمرير عدد من الشهور وفق ذلك التاريخ لإعطاء الفرصة بشكل أكبر للعديد من الأفلام التي اشتركت في العديد من المهرجانات لرصدها في هذه الدراسة التي وصل بها لنهاية الشهر الرابع من عام 2014 .

الربح التجاريّ ليس هدفاً
ويذكر قوشحة في الكتاب أن سورية عرفت السينما منذ العام 1908 في عروض سينمائية لرحّالة أتراك في مدينة حلب، وفي عهد الوحدة بين سورية ومصر، وبُعيد إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وتحديداً عام 1959 أوجدت من ضمن فعالياتها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وكان من ضمن لجانه واحدة خاصة بالشؤون السينمائية الهدف منها العناية بفن السينما وجمع آراء المختصين بها وعقد اجتماعات ومؤتمرات للخروج بتوصيات ورفعها للجهات المعنية، وقد أوصت  اللجنة بضرورة إحداث مؤسسة عامة للسينما تتولى أمر رعايتها في سورية، وانتظر المشروع خمس سنوات ليرى النور في شهر تشرين الثاني من العام 1963 عندما صدر مرسوم خاصّ بإحداث المؤسسة العامة للسينما في سورية، مبيناً قوشحة أنه وخلال خمسين عاماً من عمرها أنتجت 66 فيلماً طويلاً – بتوقيع تسعة وعشرين مخرجاً من سورية وخارجها- يضاف إليها مساهمة إنتاجية في فيلمَي كرتون هما “خيط الحياة” و”طيور الياسمين” مع القطاع الخاصّ، ولأن تحقيق الربح التجاريّ لم يكن هدفها  كانت النتيجة برأيه وجود أنماط سينمائية محددة عملت عليها المؤسسة، وحصر هذه الأنماط بنمطين واضحين، الاجتماعيّ أولاً، والوطنيّ ثانياً، مع ظهور أفلام بيئة متفرقة وموزعة على العديد من جهات الوطن السوريّ، بالإضافة لفيلم تاريخيّ واحد هو “المغامرة” الذي أخرجه محمد شاهين عن مسرحية سعد الله ونوس “مغامرة رأس المملوك جابر” كما تم إنتاج فيلمين طويلين تسجيليين هما “نوافذ الروح” سيناريو عمر أبو سعدة وإخراج الليث حجو وهو المنتَج بالاشتراك مع مديرية الآثار والمتاحف وإحدى شركات القطاع الخاصّ، أما الفيلم الثاني المنتَج كاملاً في المؤسسة فكان في العام 2013 وحمل اسم “حُماة الدّيار” وموضوعه هو الجيش العربيّ السوريّ، ليكون الاختراق الوحيد في سينما الميوزيكال أو السينما الاستعراضية من خلال فيلم “ليلى” عام 2012 سيناريو رياض عصمت وإخراج محمد عبد العزيز.
ولا ينكر قوشحة في كتابه أن أنماطاً سينمائية هامة غابت تماماً عن المشهد السينمائيّ المنتَج لدى المؤسسة خلال الخمسين عاماً الماضية، منها على سبيل المثال الكوميديّ، العاطفيّ، الأكشن (الحركة) الخيال العلميّ، المغامرات، وغير ذلك.. مع إشارته إلى أن هنالك تداخلاً بين تصنيفات الأفلام، حيث غابت سينما الكوميديا بصفة كلية، لكن هنالك العديد من الأفلام التي حملت محاور وشخصيات كوميدية كما في تجربة عبد اللطيف عبد الحميد في العديد من أفلامه، خاصة “رسائل شفهية”، في حين بدت مسألة فصل الاجتماعي عن البوليسيّ مسألة صعبة في فيلم “قتل عن طريق التسلسل”، كذلك الأمر مع العديد من الأفلام ذات التوجه الاجتماعي والتي لم تغب عنها المحاور أو الخلفية الوطنية أو السياسية (الفهد، السيد التقدمي، بقايا صور، حادثة النصف متر، أحلام المدينة، الشمس في يوم غائم، الليل، ليالي ابن آوى، تراب الغرباء، الطحين الأسود، رؤى حالمة، تحت السقف، الهوية، مرة أخرى، مريم…).
تجدر الإشارة أن الكتاب يضم ملحقاً خاصاً يتضمن فيلموغرافيا كاملة عن أفلام المؤسسة العامة للسينما خلال الأعوام الخمسين.
أمينة عباس