قوة اقتصادنا في “جيلنا”
باختصار شديد وبلا مقدمات، إذا ما استمرت ظاهرة إعطاء الدروس الخصوصية بالاتساع على النحو الذي نشهده هذه الأيام، فإن تنميتنا الاقتصادية والاجتماعية خلال العقود المقبلة ستكون في خبر كان!.
وللتوضيح نبيّن أن الربط بين هذه الظاهرة التي تمسّ بشكل مباشر أجيالنا، والتنمية، يعود لما تشهده معظم مدارسنا من حالات يندى لها الجبين، من قبيل أن بعض طلاب المرحلة التأسيسية –ومنهم تلاميذ في الصف الأول- يلجؤون للاستعانة بمدرسين خصوصيين، وذلك ليس نتيجة تقصير المعلمين أو تدني كفاءتهم، بل لأن آنفي الذكر لا يبالون بالقول لأي تلميذ يطلب التوضيح عن أية فقرة في الدرس: (إذا لم تفهم الدرس عليك الاستعانة بمدرس خصوصي)!.
ووفق معطيات واقعنا المعيش هذه الأيام فلن يستعين بهذا النوع من الدروس إلا ميسورو الحال وهم قلّة مقارنة بنظرائهم متعثري الحال، ما يعني بالنتيجة فشل السواد الأعظم من أجيالنا تعليمياً وربما اجتماعياً، وانعكاس ذلك لاحقاً على شرايين التنمية الاقتصادية بشكل سلبي، نظراً لعدم مجاراة معظم طلابنا للمتطلبات غير القانونية لواقع التربية والتعليم المهدّد بلوثة المتاجرة المقيتة التي تستنزف ليس جيوب أولياء الطلاب وحسب، بل وعقول أبنائهم!.
للأسف وردتنا شكاوى عدة في هذا الخصوص تشير إلى أن كثيراً من معلمينا ومدرسينا يتكلمون بالنبرة نفسها، إلا من رحم ربي، يُستشف منها وجود اتفاق ضمني بينهم، عساهم أن ينالوا نصيبهم من كعكة الدروس الخصوصية!.
وهنا نستذكر التجربة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية وخروج اليابان منها بخسارة تاريخية، خاصة بعد تعرّضها لقنبلتين نوويتين، إذ راهنت اليابان من خلال تجربتها هذه على عقول أطفالها –وبالطبع نجح رهانها- لبناء اقتصاد بات رمزاً لكبرى الاقتصادات العالمية، حيث تمحورت هذه التجربة حول التركيز على استنهاض همم وأفكار الأجيال اللاحقة عبر سلك التربية والتعليم، مدعوماً بمسلسلات كرتونية توضح مقدرة الفتى الياباني على تجاوز التحديات المحتملة وإن بدت مستحيلة!.
لا شك أن الكرة الآن بملعب وزارة التربية المعنية بالدرجة الأولى بحيثيات هذه الظاهرة، مع الإشارة إلى أن الأخيرة ليست وليدة اللحظة، بل يعود ظهورها لسنوات خلت، وأخذت بالاتساع لدرجة باتت تستدعي التدخل الفوري والسريع، وإلا ستقع الفأس بالرأس ونندم وقت لا ينفع الندم، فهل من مستجيب؟!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com