ثقافة

حسام المهدي.. تجربة جديدة في التأليف الموسيقي

“أطياف سورية” مستمدة من مضمون الأمسية الموسيقية التي قدمها الموسيقي حسام المهدي برفقة أوركسترا “يامال الشام للتراث” ،على مسرح الحمراء ،وتعدّ هذه الأمسية نواة لانطلاقة أكبر للأوركسترا التي تعشق الأصالة ونهلت من نبع تراثنا الموسيقي الثرّ، فغدت روحاً جديدة تحمل معها عبق الماضي بكل ذخائره وكنوزه من جميع المناطق والبيئات بقالب صحيح بعيداً عن اللون الشعبي. وقد نجحت الأوركسترا المكوّنة من 23 عضواً من العازفين والكورال معتمدةً على آلات التخت الشرقي (القانون-العود- الناي-الإيقاع “الرق” بمساندة الآلات التي طُوّعت لعزف الموسيقا الشرقية (الكمان –التشيللو-الكونترباص-) بعزف مقطوعات من تراث المنطقة الجنوبية والفراتية أحيت من خلالها الأغنيات القديمة جداً مثل: “ياخيال يللي قاصد ديرتنا/ هي هي ياالراشدين على السلايل”
وفي منحى آخر من الأمسية تقصد المهدي إيضاح الفروقات الطفيفة التي تميّز لون الدلعونا من منطقة إلى أخرى، فالدلعونا الجنوبية على مقام الصبا بينما الدلعونة الشامية “على دلعونا على دلعونا الهوى الشمالي غيّر اللونا”على مقام البيات تقترب من الدلعونا الحلبية وتختلف عن الدلعونا الساحلية والفراتية .كما خصص مساحة للقدود الحلبية وبعض الموشحات لتبقى “رقصة ستي” التي سُبقت بتقاسيم على نغمات العود للعازف فضول سعد هي الأقرب للجمهور والأجمل لاسيما أنها قُدمت -كما ذكر المهدي- بتوزيع جديد وبمرافقة الكمنجة ،وفي القسم الأخير من الأمسية أُفردت مساحة للتراث الشامي فتألقت أغنية “يا مال الشام” وبقي القانون سيد المسرح في التقاسيم التي قدمها العازف حكم خالد ،وخُتمت الأمسية بغناء الطفلتين -سلمى وميس -اللتين تتعلمان العزف على القانون نشيد موطني. الأمر اللافت في الأمسية اهتمام المهدي بالتأليف الموسيقي للمقطوعات في الوقت الذي يميل فيه الموسيقيون نحو تأليف الموسيقا التصويرية ،فعمل على تأليف مقطوعة لونغا عجم مع ارتجال لآلة الناي من مقام الهزام /ومقطوعة سماعي زنجران مع ارتجال كمان من مقام البيات ،وعن خصوصية التأليف يقول: اللونغا تعني مقطوعة شرقية أصيلة تتألف من أربعة مقاطع يأتي المقطع الأول ثم التسليم ويعاد بين مقطع وآخر وصولاً إلى الخانة الرابعة التي تختلف إيقاعاً ولحناً، أما فيما يتعلق بالسماعي فهو يتألف من إيقاع ثقيل ،ورغم تشابه النوتة بينهما إلا أن لكل نوع إيقاعاً مختلفاً ،فاللونغا 2على 4، والسماعي 10على 8. ولم يؤلف المهدي مقطوعات فقط وإنما عمل على تأليف مقدمات موسيقية للأغنيات القديمة مستمدة من روحها ومقامها مثل “من مفرق جاسم للصنمين”. كما شاركنا الحديث عازف الناي ماهر عامر الذي تحدث عن دور التقاسيم في خدمة المقطوعة، ودور العازف في إيصال روح المقطوعة إلى المتلقين، وهذا يتطلب الكثير من الخبرة واعتماد العازف على إحساسه ومخزونه الموسيقي.
وتسعى أوركسترا “يامال الشام للتراث” إلى إحياء التراث المغمور مثل التراث الآشوري والسرياني الذي سيقدمه المهدي باللغة العربية.
ملده شويكاني