ثقافة

صوتنا.. لماذا نضنّ به؟

أمينة عباس
لا شكّ أن التغييرات التي طالت شكل وأداء فضائية الأخبارية السورية مؤخراً كانت مطلوبة، بل وضرورية في مرحلة نشهد فيها تصاعداً في وتيرة الهجوم الإعلامي المنظّم والممنهج الذي تشنه دوائر إعلامية كستار لدوائر سياسية على سورية الموقف والرؤية، انطلاقاً من أن الكفاءة الإعلامية في الحروب الحديثة لا تقل أهمية عن الكفاءات العسكرية والاقتصادية وما إلى ذلك من كفاءات تساعد على كسب الحروب وتحقيق الغايات التي تعكس رغبة الناس في أن يروا وطنهم سليماً معافى.
ومنذ بداية الحرب على سورية كان من الواضح أن الإعلام شكّل أحد أهم أذرع العدوان، وهو لم يكن إعلاماً بالمعنى المتعارف عليه علمياً وأخلاقياً ومهنياً بقدر ما كان عبارة عن حملة من التضليل واختلاق الأكاذيب وتعزيز روح الخلاف والاختلاف والتباين، الأمر الذي كان له وقعه عند محدودي التفكير الذين كانوا وما زالوا حتى الآن سريعي التأثّر بكل ما يصدر عن هذه الجهة الإعلامية أو تلك من ادّعاءات يكفي أن يحاكمها طفل صغير محاكمة عقلية ومنطقية حتى يكتشف مدى سذاجتها وبهتانها.
في ضوء هذه الحقائق تسابقت فضائيات عربية عريقة وحديثة إلى الاعتماد لا على مخاطبة شعوبها فحسب بل وعلى مخاطبة الآخر فأنشأت محطات بلغات مختلفة وبالتحديد اللغة الإنكليزية التي تتقنها وتعتمدها شعوب كثيرة لغة رسمية لها ما أهّل هذه الفضائيات لكي تكون لها اليد الطولى عند هذه الشعوب في كل ما تطرحه وتروّج له من حقائق أو أكاذيب، بحيث أضحى ما تبثّه هذه الفضائيات حقائق لا يمكن دحضها أو مناقشتها أو حتى التشكيك بصدقيتها.
اليوم ونحن نجدد في فضائيتنا الأخبارية ونخوض معركة شرسة تُستَخدَم فيها كافة الوسائل، نزيهها وأحطّها، ما أحوجنا إلى فسحة زمنية في هذه الفضائية (أو في غيرها) لإيصال صوتنا إلى الآخر سواء رحّب هذا الآخر بهذه الخطوة أم لم يرحّب، لكنه بكل الأحوال سيكون مضطراً بل وربما مندفعاً لسماع صوتنا ولو على استحياء .
وبطبيعة الحال لنا تجارب سابقة قديمة في هذا المجال، فمنذ بدء بثّ القناة الثانية (التي لم يعد لها وجود اليوم) في أواسط ثمانينيات القرن الماضي وحيث لم يكن هناك بثّ فضائي يوصل الصوت والصورة إلى أبعد مدى كانت لنا وقفات مع نشرات أخبارية يومية باللغتين الإنكليزية والفرنسية على الرغم من أن الفئة الموجهة لها هذه النشرات كانت محدودة للغاية ورغم ذلك كنا نوليها الاهتمام المطلوب ولو بأدنى درجاته، فما بالنا اليوم نهمل هذا الجانب ولا نوليه الاهتمام المطلوب ونحن الذين لا نوفر فرصة إلا ونتحدث فيها عن جسور التواصل التي يجب أن تبنى مع الخارج بمختلف أوجه نشاطاته واهتماماته؟