“ليلة مخيفة 2” مشاهد رعب جديدة للكونتيسة دراكولا
رغم عرض الكثير من أفلام الرعب الواقعية التي تصوّر جرائم القتل والسطو في المهرجانات السابقة، إلا أن الحضور الكبير الذي شهدته الأوبرا أثناء عرض فيلم “ليلة مخيفة 2” إخراج إدوارد روبنس وسيناريو مات فين، يثبت شغف المهتمين بالفن السابع بأفلام الرعب الخيالية الممتزجة بشيء من الفانتازيا، لاسيما في أفلام مصاصي الدماء، إذ حافظ المخرج على منحى التجسيد الدرامي للقتل بالطريقة ذاتها، من حيث تغير ملامح الوجه ولون العين وبروز الأنياب الطويلة، ومن ثمّ الانقضاض على الفريسة وعضها من أعلى الرقبة والتلذذ بطعم الدم كما فعلت أيضاً الأستاذة جيري بضحاياها..ورغم هذه المشاهد المألوفة سابقاً، إلا أن الفيلم لم يفقد عنصر التشويق والإثارة التي امتدت خلال الأحداث.وأثار المخرج أيضاً خطاً درامياً ثانياً في الفيلم بإدخاله مشاهد مطوّلة للنوادي الليلية من خلال شخصية مقدم البرامج المتعلقة بمصاصي الدماء والذي يكون له دور بإنقاذ تشارلي وإيمي، وتكمن جمالية الفيلم في الصورة البصرية التي تمزج بين الواقعي والخيالي وبعودة المخرج عبْر الفلاش باك إلى أسطورة الكونتيسة دراكولا التي تتعرض لهجوم من قبل مصاصي الدماء وتصبح مثلهم ، ولا يوجد طريق لنجاتها إلا أن تقتل شابة ذات دم نقي ولدت في عتمة القمر تمص دمها، واستطاع المخرج أن يوظّف هذه المشاهد بإقحامه الرسوم المتحركة ضمن توليفة الفيلم ، ويتابع الفيلم الجديد مشاهد الرعب من خلال شخصية الكونتيسة دراكولا التي تستمر من خلال شخصية الأستاذة جيري، التي تخفي وراء سحر جاذبيتها وجمالها الرومانسي قوى الشر الخفية، فهي ليست قاتلة فقط وإنما مهووسة بامتصاص الدم البشري، بدأ الفيلم بمدخل يربط بين الفنّ التشكيلي وتاريخ الفنّ الروماني عبْر حديث أستاذة الفن (جيري) عن لوحات فان كوخ وتخطيه حدود الزمان والمكان واعتماده على الألوان المبهجة الصارخة، ليكون اللون الأحمر بطلاً في الفيلم يمتد على جدران القلعة الأثرية التي كانت مسرح الجريمة، وتبدو كأنها كنيسة أثرية، لنصل إلى حمام السباحة الممتلئ بالدم بدلاً من الماء.وتقصد المخرج إدوارد روبنس أن يركز على اللوحات الجدارية المنحوتة وصور الصليب المقدس الذي كان سر نجاة الأبطال في نهاية الفيلم في مشهد ضرب عين جيري بالسلسلة التي تحمل الصليب وتتوسط رقبة إيمي. تنطلق الأحداث من الحصص الدرسية التي تتلقاها مجموعة طلاب جاؤوا إلى رومانيا، ومن ثم تمضي مع الحدس الداخلي لتشارلي الذي يدفعه إلى مراقبة الأستاذة جيري، وينجح المخرج باستجرار المشاهدين إلى المشهد المفزع حينما يختبئ تشارلي في التابوت ويصوّر ما يحدث لحظة قتل جيري الفتاة المنقادة إليها تماماً وكأنها تحت تأثير التنويم المغناطيسي ، ثم تتدفق منها الدماء وتبدو شبه عارية رأسها نحو الأسفل .ليمضي بعد ذلك الزمن الفعلي للفيلم بليلة واحدة تشهد الصراع بين قوى الخير والشر والمطاردات العنيفة في القطار وأنفاق سكته، وتتصاعد في لحظة اختطاف جيري بردائها الأسود إيمي واحتجازها بالقلعة تمهيداً لقتلها في حمام الدم، وهنا أطال المخرج بمشاهد العنف والقتل والمقاومة لينتهي بموت (الأستاذة).
وفي المشهد الأخير غيّر المخرج من مسار الفيلم وانعطف نحو رومانسية الأفلام السينمائية الكلاسيكية التي اشتُهرت في خمسينيات القرن الماضي بمشهد قبلة طويلة جمعت بين الحبيبين إيمي وتشارلي مع إشراقة الصباح الأولى، وبقيت آثار الدماء على وجهيهما للتماهي بين الواقع والخيال.
ملده شويكاني