أدب النصيحة وهذه الأمومة العظيمة أيضاً !

أكرم شريم
ما أجملنا وأجمل العالم كله، حين نحتفل بعيد الأم كل عام لما نعرفهُ من روعة الأمومة وعظمة عطائها وتضحياتها، ولكن ماذا عن المخلوقات الأخرى، وهل الأمومة عندها، إذا جاز لنا أن نستخدم كلمة (الأمومة) هنا مثلها عند بني الإنسان؟!.
نعم! أنا أقول إن الأمومة عند كل المخلوقات تتمتع بهذه الروعة، بل وعظمة العطاءات والتضحيات، ولولا ذلك ربما لم نكن لنجد مخلوقاً واحداً موجوداً في هذه الحياة!.
ولكي لا نقع في المبالغات، لأن كل ذلك هو من التشفير الإلهي، أي من خلق الله وإرادة الله في خلقه، فتعالوا إذن نعود إلى موضوعنا ألا وهو هذه الأمومة الحلوة والعظيمة عند المخلوقات الأخرى.
ومنذ البداية، كلنا يتذكر ويعرف حكاية النملة الأم التي تقع منها حبة القمح وهي تصعد بها إلى عشها الصغير حيث أولادها أو بناتها النملات، أو (النملون) إذا كانوا ذكوراً وإذا جاز لنا التعبير، فكم من مرة تعود هذه النملة إلى حبة القمح أو قطعة الخبز الصغيرة المتناهية في الصغر، لتعاود حملها والصعود بها، بل إنني أذكر أننا أخذنا هذه الحادثة في مرحلة الدراسة الابتدائية لكي نتعلم منها الإصرار والمثابرة وبقوة حتى نستطيع أن نحقق ما نريد، وكم هو صحيح وعظيم هذا الدرس من هذه النملة الأم!؟.
تعالوا نأخذ الأمومة الآن عند هذه العصفورة الصغيرة، فهي حين تعرف أنها حامل وقد اقترب الوضع أو لنقل الإنجاب، و(كل الكلمات التي يستخدمها الإنسان في حالات الحمل والوضع والإنجاب تصبح من حق هذه النملة) فماذا تفعل؟! إنها أولاً تبحث عن المكان المناسب لبناء عشها، وخاصة من حيث (الأمن والأمان) ولا بأس أن نستخدم أيضاً كلماتنا المناسبة لهذه الحالات!. ويكون عشها وكما نعلم جميعاً، في أحفورة مختبئة في جدار، أو في مكان متشابك الأغصان على الشجرة، أو ما يشبه ذلك، وبحيث تكون أولاً وقبل كل شيء تشعر بالأمان لأبنائها ثم بعد ذلك تبدأ بالبحث عن القش وتنقل هذا القش إلى العش قشة بعد الأخرى وكم يأخذ هذا من الوقت، ثم بعد ذلك تضع بيضاتها الصغيرات وقد تكون اثنتان أو ثلاثة، وتنتظر حتى تفقس الأجنة هذه البيضات وتخرج منها وتقوم العصفورة الأم بالمساعدة ورمي قشور البيض بعيداً ثم تسرع لجلب الماء في فمها وتسقي صغارها، وبعد ذلك تسرع لجلب ما يؤكل ويكون مناسباً للصغار، وهذا يحتاج إلى البحث فهو ليس متوفراً دائماً كما عند الإنسان، وتمضغ ما تأتي به وتضعه في فم صغارها واحداً بعد الآخر، وتذهب وتعود وهي تمضغ حتى تعرف أنهم شبعوا وهي تعرف وبلغتها الخاصة متى يعطشون ومتى يجوعون، وهكذا وطوال الوقت، تقوم بالحماية وبتقديم الطعام والشراب حتى يكبر الصغار ويطيرون!.
وسقا الله أيام زمان، حيث كانت المرأة وقتها إذا عرفت أن القطة تريد أن تلد كانت تسارع لتأمين المكان وما يشبه (الفرشة) الصغيرة لها لكي تضع صغارها وتساعدها فتصير تقدم الطعام أو الحليب أو اللبن لها ولصغارها وكم كان منظراً حلواً ورائعاً وإنسانياً أيضاً منظر هذه القطة الأم المدللة هي وصغارها وتحت إشراف وحماية وحنو أم الأولاد! وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نتابع، أو في الأقل أن نحاول متابعة هذه الأمومة العظمية والصادقة، الإلهية والإنسانية وبحب واحترام عند كل المخلوقات والتي لولاها، وباختصار هذه المرة، لما بقي مخلوق حي من كل المخلوقات على وجه الأرض، من النملة إلى الإنسان وإلى الفيل!.