في حديثه عن دراما الصوت.. حسن حناوي: دائرة التمثيليات في إذاعة دمشق هي الجهة الوحيدة التي تنتج الدراما
إذاعة دمشق من الإذاعات الرائدة في إنتاج الدراما الإذاعية العربية، وقد حصدت دائرة التمثيليات فيها العديد من الجوائز في المهرجانات العربية، علماً أن هذه الدائرة هي الجهة الوحيدة التي تنتج الدراما لكل الإذاعات الرسمية الأخرى في سورية.
ويؤكد مدير الدائرة أ.حسن حناوي في حواره مع “البعث” -وهو ابن هذه الدائرة ويعمل فيها كمخرج منذ العام 1997- أنه جزء من نسيجها، وعايش تفاصيل الحالة الدرامية وعرف المعوقات والصعوبات مما سهّل عليه الأمر في إيجاد الحلول وتذليل الصعوبات عندما استلم إدارتها، مبيناً أنه وعلى الرغم من أن الميزانية التي تُقدَّر بـ 18 مليوناً لم تزد منذ العام 1985 كان الإصرار في هذه الظروف الاستثنائية على زيادة الإنتاج في الدائرة كبيراً، وقد نجحت الدائرة في ذلك بفضل تعاون الجميع، حيث كان هناك دعم واضح من قبل الإدارة لقناعتها أن الدراما هي وسيلة مهمة لمعالجة قضايا مجتمعنا في هذه الظروف الصعبة.
ويشير حناوي إلى أن كل وسائل الإعلام اليوم يجب أن تصب في بوتقة واحدة هي محاربة الإرهاب الذي تتعرض له سورية ومواجهة المؤامرات التي تحاك لبلدنا.. وبالعودة إلى ما حققته هذه الدائرة العام الماضي ينوّه إلى أن الإذاعة اعتادت ومنذ أيام حكمت محسن وتيسير السعدي أن تقدم جرعة متميزة من الدراما، خاصة في شهر رمضان، وقد استمرت الإذاعة على هذا النهج عبر تقديم نحو سبعة مسلسلات درامية في هذا الشهر، علماً أن الإنتاج عبر كل السنة لا يتوقف، حيث لدى الدائرة خطة دائمة لإنتاج مسلسل جديد في كل شهر.. ولأننا نمر بأزمة تُشَنُّ حربٌ فيها على ثقافتنا وحضارتنا حاولت الدراما الإذاعية أن تقدم الوجه الحقيقي لتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا، حيث أنتجت المديرية مسلسلاً عن محي الدين بن عربي بشكل لائق عبر خمسين حلقة، وآخر عن لوقيانوس السوري المهندس الذي بنى روما، بالإضافة إلى أعمال أخرى، ويبيّن أن لدى الدائرة اليوم خطة لإنتاج مسلسلين هامين عن شخصيتين كان لهما الأثر الكبير في تاريخنا المعاصر، هما يوسف العظمة البطل الذي أبى أن تدخل فرنسا إلى بلادنا دون قتال، وأبو خليل القباني رائد المسرح الغنائي في الوطن العربي.
الإدارات وحضور الدراما
ويوضح حناوي أن إذاعة دمشق هي الإذاعة الأم في الإذاعات السورية، وهي تستقطب حيزاً جيداً من الدراما الإذاعية بنسبة تصل إلى ثمانين بالمئة، في حين أن هذا الحيز يصبح أقل في إذاعة صوت الشعب، فأقل في إذاعة صوت الشباب، مؤكداً حناوي أن هذه النسبة التي تشغلها الدراما ترتفع وتنخفض حسب ميول الإدارات التي تتسلم كل إذاعة، فترتفع إذا كان لهذه الإدارات إيمان بالدراما وأهميتها، وتنخفض إذا كانت لا تؤمن بهذا الدور الذي تقوم به الدراما.
أما على صعيد التمثيليات الموجهة للأطفال، فيبيّن حناوي أن الهدف منها ليس المتعة فقط بل حضّ الطفل على التفكير والبحث حتى لا يتحول لمتلقٍّ فقط، بل أن يكون شخصاً فاعلاً ومتفاعلاً مع المحيط، منوهاً إلى صعوبة الكتابة للطفل، ومشيراً إلى وجود برنامجين من عمل الدائرة، الأول بعنوان “براعم الغد” ويبث على إذاعة دمشق وتكتبه مجموعة كتّاب : ناظم مهنا-ماجد حمدان-أحمد السيد-هيثم قاسم-مأمون الفرخ.. أما البرنامج الآخر فيحمل عنوان “قصص للأطفال” ويذاع على إذاعة صوت الشعب، ولا ينكر حناوي أن هذه النوعية من الأعمال ما زالت تشغل مساحات قليلة من البثّ، والسبب أن الإذاعات لا تخصص إلا ساعات بث قليلة للأطفال، في حين أنه مؤمن أن الطفولة يجب ألا تكون غائبة ولا عن أية وسيلة إعلامية لأن الطفل اليوم هو اللبنة الأساسية في بناء المجتمع.
استقطبت كتّاباً مهمين
ويشير حناوي إلى أن فنّ الإذاعة هو فنّ الخيال، ولذلك فإن الكاتب يجب أن يشدّ المتلقي بهذا الخيال الذي يجب أن يبدع في رسمه، ومسؤولية الكاتب الإذاعي برأيه هي في نجاحه في أن يجعل المستمع يتخيل كل ما يحدث من أحداث يسمعها، مؤمناً بوجود نصوص مهمة قادرة على صنع دراما إذاعية مهمة ليأتي بعدها دور المخرج الجيد والممثلين الجيدين، ويؤكد أن الإذاعة استقطبت الكثير من الكتّاب المهمين في سورية مثل هاني السعدي ومحمود عبد الكريم وأحمد السيد ومروان قاووق، وقد فتحت الإذاعة ذراعيها لهم بكل محبة، ولا يخفي حناوي أن علاقة الإذاعة السورية الطيبة بكل من يتعامل معها كانت وما زالت عاملاً مهماً في استقطابهم، منوهاً إلى أن الإذاعة السورية ستحظى قريباً باستقطاب الفنان دريد لحام، ويشير حناوي إلى أن الإذاعة السورية لم تغلق بابها أمام أحد في يوم من الأيام.
أبوابها مفتوحة
ولأن فن الإذاعة فنّ صعب سواء على الممثل أو الكاتب وهو فنّ له أدواته الخاصة به فقد استقطبت الإذاعة أسماء كثيرة من الشباب، وما زالت أبوابها مفتوحة أمام أي كاتب يجد في نفسه القدرة على تقديم نص يعتقد أنه جيد، وبالتالي فإن كل شخص برأي حناوي لديه موهبة الكتابة يمكن أن يقدم نصه للإذاعة، مؤكداً أن الإذاعة لا تقف عند الأسماء ولا يهمها إن كان الكاتب جديداً أو قديماً لأن المعيار هو النصّ أولاً وأخيراً، واللجنة ستساعد الشباب وتعمل على تقويم نصوصهم في سبيل استقطاب أكبر عدد منهم، مبيناً أنه ليس المطلوب من الكتّاب الجدد أن يكونوا جاهزين مئة بالمئة وأن يقدموا نصوصاً لا غبار عليها، خاصة وأن هناك لجنة نصوص في دائرة التمثيليات تقوم بقراءة هذه النصوص ووضع الملاحظات عليها ليستفيد منها الكاتب في سبيل تقديم نصّ إذاعيّ مقروء، وبالتالي يمكن القول بناء على ذلك أن الإذاعة ساعدت في ولادة العديد من الكتّاب الذين بدؤوا بكتابات متواضعة وانتهوا إلى كتابة نصوص إذاعية جيدة.
المستمع هو الغاية
ويبيّن حناوي أن نجاح أي عمل ولاسيما في الإذاعة يعتمد على وجود نص ومخرج وممثلين، وكلما زادت تقنية هذه العناصر ارتقى العمل ونجح، وهناك أمثلة كثيرة توفرت فيها هذه الشروط بأعلى المستويات واستمرت وما زالت رغم السنوات الطويلة، ويُحسَب لإذاعة دمشق نجاحها في تقديم أعمال ما زالت تحقق استماعاً جماهيرياً كبيراً رغم عمرها المديد مثل “حكم العدالة-ظواهر مدهشة” مشيراً حناوي إلى أن هذين العملين وأعمالاً أخرى استمرت في إذاعة دمشق لسنوات طويلة لأن كل مقومات العمل الإذاعي الناجح على صعيد النص والمخرج والممثل توفرت فيها.
وللحفاظ على سوية الأعمال الدرامية تتبع دائرة التمثيليات آلية عمل تقوم على وجود لجنة استماع بعد إنتاج العمل تسمع العمل وتقيّمه، وبناء على هذا التقييم يؤهَّل لأن يذاع فيما بعد، أما مرحلة التقييم النهائي فتعود للمستمع الذي هو الغاية والهدف، ويبيّن حناوي أن الإذاعة تقوم أحياناً بعملية سبر من خلال اتصالات المستمعين والبرامج الاستطلاعية والمباشرة لتقييم ما تقدمه.
أمينة عباس