ثقافة

في المؤتمر الصحفي لمسلسل “امرأة من رماد” أنزور: الموضوع الطائفي هو الأخطر جبور: الرسالة إن لم تكن ممتعة لن تصل

هي التجربة الثانية للمخرج نجدة أنزور مع مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، حيث يدخل كعادته بقوة وثقة ليقدم وجهة نظره في الأزمة وتداعياتها من خلال مسلسله “امرأة من رماد” للكاتب جورج عربجي، ولإلقاء المزيد من الضوء على العمل أقيم مؤتمر صحفي في مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وقد استهل المخرج أنزور الحديث عن واقع الدراما السورية معتبراً أنها في مأزق حقيقي نتيجة ظروف الأزمة، مما جعل ظروف البحث عن نص جيد صعباً أيضا، مؤكداً حرص مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي على اختيار الأعمال الجيدة التي يمكن أن تحدث فرقاً. وعن تفاصيل العمل أكد أنزور أن نص “امرأة من رماد” مكتوب بحرفية عالية رغم أنه العمل الأول للكاتب، إلا أنه مختلف شكلاً ومضموناً عن الأعمال الأخرى، فالعمل يبحث في تداعيات الأزمة على المجتمع السوري وتفاصيلها من خلال الشرائح المتعددة التي يقدمها، فهو يتحدث عن الطائفية وعن الأم التي فقدت ولدها وعن الشاب الذي يهرب من الجندية، والآخر الذي يضحي بروحه في سبيل الوطن. وهناك شيء متميز في النص وآفاق تفتح دائما، فليس هناك شخصيات نمطية وسنشعر بالإيقاع التشويقي للعمل. ويشير أنزور في هذا السياق إلى أن العمل ليس سياسياً بقدر ما هو اجتماعي منسجم وليس فيه عظة أو دروس أو تعال على المشاهد، لأن المنافسة اليوم على الشاشة صعبة في ظل وجود الخبر، لذا يجب أن نعيد الثقة للدراما السورية وأن نلامس الأزمة بعيداً عن التعالي على المشاهد وإعادة إحياء الروح المعنوية للمواطن، وخياطة النسيج المتميز الذي كنا نعيش فيه. كما تحدث أنزور عن أهمية تناول العمل  للموضوع الطائفي الذي يشكل جزءاً من نسيج المؤامرة، كذلك الذبح وغيره من الممارسات الدخيلة التي لم نعرفها أبداً، معتبراً أن الموضوع الطائفي هو أخطر شيء ويجب على الكاتب الدرامي أن يقف عنده ويناقشه قبل أن يتلقفه الآخرون ويناقشونه كما يريدون. وعن دور القطاع العام في الإنتاج خصوصاً في ظل الأزمة قال أنزور: لا نستطيع الاعتماد على القطاع الخاص لأن له حساباته التي تتعلق بالتمويل والتسويق، مع أن تجربته كانت مهمة في الدراما، لكن أيضاً كان له دور في تمييع الأزمة وعدم تقديمها بالشكل المطلوب،  والمعول عليه اليوم هو القطاع العام من خلال مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي في سبيل المحافظة على سوية معينة للدراما السورية، والمطلوب مشاركة القطاع الخاص مع المؤسسة والإنتاج السوري موجه للسوريين والعرب حتى الذين تلوثت أيديهم بالدماء يمكن أن نضع لهم حدا ونوقفهم من خلال ما نقدمه، وقد أقيمت ندوات وحوارات عن شكل ودور الدراما في الأزمة ووضعت خطة وهذا النهج إن تكرس سيفرض نفسه.
فريق العمل في مركب واحد
وأكدت مديرة مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي الإعلامية ديانا جبور في إجاباتها على تساؤلات الإعلاميين أن معايير المؤسسة في اختيار النصوص هي الجودة والإمتاع، فمهما كانت الرسالة مهمة إن لم تكن ممتعة لن تصل لأحد، مؤكدة أنه عند طرح ما يحدث في سورية وملامسة موضوع مؤلم متوحش دون أن يكون ذلك بشكل غريزي ومنفر من المعايير أيضاً. وأضافت جبور: نحاول في المؤسسة التنويع فهناك الاجتماعي والتاريخي وقريباً الكوميدي، واختيار “امرأة من رماد” لم يأت بشكل مفاجئ بل خضع لنفس المراحل التي تمر بها الأعمال الأخرى حيث يخضع النص لقراء، وإذا حاز إعجابهم نقرأه في المؤسسة وعند التطابق في الآراء يتم تبنيه، مؤكدة أن  طموح الفنان أن يكون الدعم أكبر لكن ضمن هذه الظروف انكمشت موازنة المؤسسة، وبعد الوعي بأهمية الدراما أعادت الجهات المعنية رفع الموازنة بشكل مقبول. وفيما يتعلق بالتسويق قالت جبور: فريق العمل يشعر أنه في مركب واحد والكل معني بتوزيع العمل لكسر الطوق الافتراضي، فالمخرج يستثمر علاقاته في هذا المجال وأنا أتواصل مع عدة جهات والفنانة سوزان كذلك وهناك بشائر أن العمل سيعرض على عدة محطات.
سورية التي ستنهض
“امرأة من رماد”  هو النص الأول للكاتب جورج عربجي وقد كتبه كمذكرة كما يقول، ضمنه مشاعر السوريين في الحرب التي ولدت أزمة والتي بدورها ولدت ترسبات، ويتابع عربجي: أعتقد أن النص شامل نوعاً ما فهو يتحدث عن شرائح مختلفة ويقدم رسائل مهمة، وجميع الشخصيات من المجتمع فالحرب ولدت أزمات نفسية حقيقية ولا يوجد مواطن لم تتأثر حالته النفسية مع اختلاف النسبة، والأزمة كشفت عن الانتهازيين وعن مشكلات كانت موجودة ومختبئة، و”امرأة من رماد” هي سورية التي ستنهض من الرماد.
بحاجة لينهض الفن بالإنسان
وأعربت الفنانة سوزان نجم الدين عن سعادتها بتجربتها الأولى مع مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي وعودتها مع المخرج أنزور، مؤكدة أن قراءتها للنص قدمت لها كل الإغراءات لتشارك في العمل وتعتذر عن العديد من الأعمال الأخرى، لأنه عمل يستحق أن يقدم فيه الفنان جهداً كبيراً، وفي هذا المجال قالت نجم الدين عشقت النص وتفاصيله والرسائل التي يقدمها، وشخصية مدام جهان التي أؤديها متناقصة ومركبة جعلتها الحياة قاسية من الخارج. وشددت نجم الدين في إجابتها على أحد الأسئلة أنها لا تخاف من تشابه الأدوار، لأنها  تذهب في الدور إلى أقصى مدى وتبتعد عن الشكل النمطي، وكل شخصية لها كيانها المختلف. كما أثنت على جهود مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي التي تقدم أعمالاً مشرّفة لها علاقة بالوطن والإنسان، لأننا في ظل الأزمة السياسية والأخلاقية  بحاجة لأن ينهض الفن بالإنسان.
احترام عقل المشاهد
أما الفنانة  ندين تحسين بك فقد أكدت أن النص إنساني يلامس الشعور ويتحدث عن صلب أزمتنا كسوريين، معتبرة أن الشخصية التي تؤديها وهي فتاة تجاوزت الـ 36 وأصبحت عانساً تتحدث عن جزء كبير من صبايا البلد. كما تحدثت تحسين بك عن انتشار النصوص التجارية وأزمة البحث عن نص، معتبرة أن العمل مع المخرج المخضرم أنزور شرف كبير وكذلك التعامل المريح مع المؤسسة، لأنها تختار نصوصاً تلامس الواقع وتحترم عقل المشاهد وأساسيات العمل الفني.
نماذج حياتية
واعتبر الفنان يحيى البيازي أن بعض المسلسلات التي تصنع في الخارج وتتناول الأزمة السورية ساذجة، لأنها بعيدة وليس لديها فكرة عن حقيقة ما يجري، مؤكداً أن “امرأة من رماد” يتناول الأزمة بموضوعيتها الاجتماعية، والكاتب يمسك العصا من المنتصف. وعن شخصيته في العمل تحدث: أجسد شخصية الانتهازي الذي يستغل الأزمة حتى في زواجه  وأنا شخصياً أعرف الكثير من النماذج في الحياة في ظل الأزمة ومنهم من كانوا قريبين مني فوجئت بأنهم أصبحوا يتحدثون ويتصرفون بطريقة ثانية.
فرص للشباب
ورأت الفنانة رنا كرم أن جميع الشخصيات في العمل لها هم واضح مما يستنفر ويستفز الممثل ليقدم كل ما لديه، معتبرة أن حقيقة ما يعانيه الناس ومشكلاتهم يحفز الفنان ليوظف إحساسه ويقول وجع الناس، وكل امرأة سورية فقدت شيئاً أو وضعت في موقف مؤلم. وتوجهت كرم بالشكر للمخرج ولمؤسسة الإنتاج التي تبذل جهدها في  توفير فرص للشباب.
جلال نديم صالح