ثقافة

الأدب والهوية

سلوى عباس
ربما كثيرون من جيل الثمانينيات من الأدباء يعتبرون أنفسهم محظوظين أنهم أتوا في عصر يحمل أسئلة كبرى، وربما ما يحسب أنهم تحرروا في كتاباتهم من الثقافة الأيديولوجية، رغم الخسائر التي لحقت بهم، حيث أنهم كتبوا نصهم في مرحلة لا يوجد فيها من يدعم هذا النص نهائيا، وبالنهاية كان هذا مكسبهم كروائيين لأنهم كتبوا بحرية مطلقة، إضافة إلى أنه أتيحت لهم فرصة أن يروا مشاكل المجتمع من عدة زوايا بعيداً عن النظرة الأحادية التي تمثل مقتلاً للكتابة الأدبية وتقيدها، فهم أبناء المرحلة الانتقالية في العالم كله، هذه المرحلة التي عادت وطرحت عليهم أسئلة عن عمق الوجود، وعمق الحياة والذات، وهذا يعني أن الرواية السورية بدأت في الثمانينات تكتب ذاتها، الأمر الذي يمثل المكسب الأساسي لهذا الجيل، وبالتالي فإن نجاحاتهم قد تختلف بين شخص وآخر، لكن الميزة الأساسية لهذه الكتابة هي فكرة البحث عن الذات وتقديسها، واعتبارها موضوعا مكتملا بكليته، دون أن يكون هناك أي داع للاتكاء على أيديولوجيات أو حكايات من خارج النص، وهذا ما يميز الأدب اليوم.
من هنا هل يمكننا القول أن مفهوم الرواية الجديدة سواء السورية أم العربية بما عملت عليه في تأكيد الذات وتقديسها هو الذي شكل ملامحها وجعلها تخترق المفهوم الروائي السائد، وهل نستطيع القول أنها شكلت هذا النوع الجديد حيث أنها اخترقت تجارب الستينيات والسبعينيات في الرواية العربية، وأعطت نكهة خاصة لفكر هذا الجيل وعلاقته مع الأشياء، حيث أننا اليوم نجد عناية بالذات وبالحياة بشكل عام، فهم كانوا يكتبون على قدر معرفتهم بالحياة وعلاقتهم معها، والآن وفي ظل التغيرات الحاصلة في العالم هناك فرصة لأدباء هذا الجيل أن يعيدوا النظر في نتاجاتهم بعيداً عن الأفكار الثابتة، وأن تكون خبرتهم الحياتية بما تتضمنها من أسئلة الوجود والذات هي الناظم لأعمالهم، لأهمية هذه الأسئلة وضرورتها في تأكيد هوية الأدب والإبداع بكل أشكاله.