في مركز ثقافي أبو رمانة ورشات عمل مجانية للأطفال في الرسم والتمثيل

بهدف رعاية مواهبهم الفنية وتنمية طاقاتهم الفكرية والثقافية يشرِّع المركز الثقافي في أبو رمانة أبوابه منذ أكثر من عام ونصف كل يوم سبت صيفاً وشتاءً، لاستقبال الأطفال من خلال إقامة ورشات عمل مجانية في الرسم والتمثيل ونشاطات متنوعة أخرى كعقدِه لجلسات تفاعل وحوار مع الأطفال.. من هنا تدعو مديرة المركز رباب أحمد في حوارها مع “البعث” أحباءنا الأطفال لارتياد المركز لتمضية عطلة صيفية ممتعة ومفيدة، خاصة وأن هذه النشاطات مستمرة ولم تتوقف في شهر رمضان.
إن أهم ما يميز نشاط يوم السبت (رسم، مسرح، جلسات حوار) برأي رباب أحمد أنه نشاط لم ينقطع واستمر صيفاً وشتاء، وقد اختير يوم السبت باعتباره يوم عطلة يمكن للأهل أن يتفرغوا فيه لأطفالنا لممارسة هواياتهم سواء في الرسم أو جلسات التفاعل والتواصل بإشرف أ.سوسن رجب وجميعها تعزز الثقة بالنفس وتبني شخصية صحيحة لأطفالنا ويعتاد فيها الطفل على لغة الحوار وإبداء الرأي والجرأة في التعبير عما يشعر به، مشيرة إلى أن كل النشاطات التي تم اختيارها بعناية فائقة تهدف إلى إظهار الطاقات عند الأطفال ليسلط الضوء عليها بمساعدة الأهل للاستفادة منها فيما بعد بطريقة احترافية، وتؤكد أحمد أن الذي شجع على الاستمرار في هذه النشاطات رغبة الأطفال في المجيء إليها وعدم انقطاعهم عنها حتى أثناء السنة الدراسية، وهذا مؤشر على تفاعل الطفل مع هذه النشاطات التي وجِدت لتفريغ طاقات الأطفال بشكل موجه واستغلال الوقت بشكل سليم وصحيح، مبينة أن كل المهارات التي يتم تعليمها للطفل تعلمه اتخاذ القرار والإدراك السليم والتفكير والتحليل، وكل ذلك من أجل أن يتحول من إنسان عادي متلقٍّ إلى إنسان مبدع، داعية الأطفال كذلك إلى ارتياد مكتبة الأطفال الموجودة في المركز والتي تضمّ مجموعة هامة وكبيرة من القصص والحكايات والكتب المفيدة التي يمكن مطالعتها فيها أو استعارتها، واعدةً الجميع أن مشاهدة الأفلام السينمائية الخاصة بالأطفال ستكون قريباً ضمن برنامج يوم السبت، معلنة عبر صحيفة “البعث” بدء النادي الصيفي في الأول من تموز والذي سيقيمه المركز في معهد الثقافة الشعبية وسيتضمن مجموعة من النشاطات كالرسم والخط والموسيقا والحاسوب إلى جانب تعليم اللغتين الفرنسية والإنكليزية وذلك بأجور رمزية.
التمثيل لتنمية مهارات التواصل
أما أ.سعيد سلام المدرب والمشرف على نشاط التمثيل فيبين أن الغاية من ورشة تدريب التمثيل التفاعلي إظهار الطاقات الفطرية الكامنة لدى الأطفال وتنمية روح الفريق والنطق ومهارات التواصل الاجتماعي، أما النتائج فقد بدأت تظهر بعد أشهر من الورشة التي لم تنهِ عامها الأول، موضحاً أن قسماً كبيراً من الأطفال دخلوا عالم الدراما من خلال بعض المخرجين الذين جاؤوا وحضروا بعضاً من هذه التدريبات ليقع الاختيار فيما بعد على بعض الأطفال في الورشة  لينضموا إلى الأعمال التي يقومون بتصويرها، أما القسم الآخر من المتدربين فقد اكتسبوا -برأي سلام- مهارات التواصل الإنساني والاجتماعي، والبعض ممن كانوا يعانون صعوبة في النطق طرأ تحسّن كبير على نطقهم.. وبالمجمل وبشهادة الأهالي انعكس وجود الأطفال في الورشة إيجابياً على دراستهم، دون أن يخفي أن بعض المتدربين ينضمون لهذه الورشة بدايةً بهدف التسلية كخطوة أولى، وخلال التدريب يكتشفون الفوائد الكثيرة التي يحصلون عليها في الورشة وفي مقدمتها الحصول على المعلومة بشكل غير مباشر من خلال المتعة والترفيه، مشيراً إلى أن معظم التدريبات يتم التركيز فيها على مهارات الانتباه والنطق والتركيز وروح الفريق والخيال باعتبار أن الطفل مادة صالحة للإبداع لم تدخل بعد في تعقيدات الحياة.
ويؤكد سلام أن تجربته في ورشة التمثيل إذا ما حصلت على الدعم المطلوب ستكون أول تجربة رائدة على مستوى الوطن العربي، منوهاً إلى أنها تجربة عملية تعلمتْ من نفسها واكتسبتْ الخبرة من نفسها.
وعن علاقته بالأطفال كمدرب بيّن سلام أنها علاقة خاصة تعتمد على الصدق بالدرجة الأولى واحترام كيانهم والاستماع إليهم لأن أطفال اليوم هم رجال المستقبل، ويرى أنه من واجبنا أن نرعاهم اليوم بالشكل الصحيح ليكونوا قادرين على صياغة مستقبل أفضل، داعياً الأهالي إلى تشجيع أطفالهم للانضمام لهذه الورشة ليس من أجل التمثيل بحد ذاته وإنما لتنمية شخصية الطفل واكتسابه العديد من المهارات التي تفيدهم في حياتهم اليومية.
وتوجه سعيد بالشكر لمديرية الثقافة التي لم تبخل ولم تقصر مع الورشة وذلك ضمن إمكانياتها ليكون الشكر الكبير لوزارة الثقافة التي تسمح بإقامة هذه الفعاليات ومركز ثقافي أبو رمانة لاحتضانه الورشة، مؤكداً أن استمرار الجميع في القيام بواجباته في هذه الظروف الصعبة ما هو إلا دليل على أن الشعب السوري بكل فئاته مصرّ على الاستمرار في الحياة.

الرسم ليس مضيعة للوقت
وللأهمية الكبيرة للفن التشكيلي في حياتنا بشكل عام وفي حياة أطفالنا بشكل خاص تؤكد الفنانة وفاء الحافظ المشرفة على ورشة الرسم في المركز، أن ممارسة وإتقان الطفل لهذا الفن ينمي عنده حاسة الانتباه لكل ما يدور حوله بشكل إيجابيّ، مبينة أن الإحساس بالجمال والبؤس والفقر حالات وجدانية يعبّر عنها فن الرسم بشكل مرئيّ للمتلقي، وعندما تنمو هذه الموهبة عند الطفل يبدع في التعبير عنها، عدا عن أنها تعلمه دقة الملاحظة وسرعة البديهة والإحساس العالي بما حوله، بالإضافة إلى تعبئة وقت فراغه بهواية جميلة ونافعة.. من هنا تبدو الحافظ سعيدة لإصرار الأطفال على القدوم إلى الورشة والالتزام بمواعيدها وهي تبدأ عند الساعة التاسعة والنصف، مشيرة إلى أن فرحتها لا يمكن أن توصف عندما يجلس الأطفال إلى طاولاتهم وبأيديهم ألوانهم الجميلة التي يعبِّرون فيها على الورق ما يحلمون به ويحبون، مبينة أن النشاط الدوريّ في حياة الطفل يعلّم الالتزام والإحساس بالمسؤولية، فكيف بالرسم الذي يمنح الطفل الإحساس بالمسؤولية والارتباط والبحث عن كل جديد ليبدع باللون والشكل من خلال رؤيته الشخصية التي يجب أن نحترمها وفقاً لعمر كل طفل.. من هنا ولتعلَم ما يجول في خاطر كل طفل حسب عمره وإمكانياته تتحاور الحافظ مع الأطفال حول رغباتهم في فن الرسم لتوجههم بالتدريج للأسلوب الصحيح في الفن ليقدموا أفضل ما عندهم، وتبيّن أنها وجدت أموراً دُهِشَت لها لروعتها، فالطفل برأيها عالم جميل يجب اكتشافه واكتشاف جماله ومن ثم توجيهه، مشيرة إلى أنه عندما تطلب من الأطفال الالتزام بنظافة المكان والترتيب وتسلسل الأفكار عند وضعها على الورق وتكون قدوتهم في الالتزام تجد التزاماً كاملاً وعن طيب خاطر منهم، وتعتز الحافظ بالنتائج التي تم التوصل إليها من خلال هذا النشاط ومنها فوز أحد طلاب المركز بالجائزة الثانية في المسابقة التي أقامتها وزارة الثقافة منذ حوالي أربعة أشهر عن فن الرسم والخط، أما الملاحظات العامة التي تلمستها الحافظ من خلال عملها مع الأطفال فيأتي في مقدمتها أن الطفل مهما كانت عنده نزعة للتمرد يمكن تحويل هذا التمرد إلى شكل إيجابي عند التركيز على فهم فكره وميوله، والمفاجأة أنها اكتشفت مواهب عديدة ومتنوعة وجميلة يتمتع بها الأطفال، وبالتالي فإن ما هو مطلوب بالدرجة الأولى أن تتاح لهم الفرصة المناسبة والكوادر المؤهلة لاكتشافها وصقلها، مؤكدة أنه من الخطأ أن نعتبر الفنون بشكل عام وفن الرسم بشكل خاص مضيعة للوقت، مع عدم الاستهانة بالفن الذي هو وثيقة تاريخ الشعوب التي توضح مدى تقدمها وارتقائها، مبينة أن هناك الكثير من الأهالي يشجعون أطفالهم على الرسم وقد بدا ذلك واضحاً من خلال التزامهم بالمجيء في الوقت المحدد مع أطفالهم لتنمية مواهبهم.
وعن أهمية النشاط المقام في مركز ثقافي أبو رمانة تبيّن الحافظ أنه عندما بدئ بدورة نشاط الرسم في المركز منذ عام وثلاثة أشهر تقريباً قوبل هذا النشاط الذي أشرفتْ عليه تطوعاً كما كل زملائها بالاهتمام الكبير والشديد من قبل إدارة المركز التي وفرت للأطفال كل ما يحتاجونه من أدوات، مع تهيئة الجو المناسب لراحتهم وسعادتهم مما جعل الإقبال على هذا النشاط كبيراً ومحبباً من قِبل الأطفال وأهلهم، وتشير الحافظ إلى أن أ.رباب أحمد مديرة المركز افتتحت صفحة تواصل اجتماعي عبر فيسبوك لطلاب المركز تتعلق بكل نشاطاتهم ونشر كل جديد لهم لتشجيعهم على هذه النشاطات.
وتختم الحافظ كلامها متمنية على الأهل الانتباه لما يحب أولادهم من هوايات وتنميتها سواء كانت فنية أو أدبية أو موسيقية أو علمية والتعوّد على تنظيم الوقت بين الدراسة والهواية من أجل النهوض بالمجتمع.
أمينة عباس