ثقافة

في أمسية موسيقية للفرقة السمفونية الوطنية معلولي:الجمهور هو الداعم الأساسي لنا

لم تمنع قذائف الغدر والإرهاب التي هطلت على شوارع دمشق كزخات المطر لم تمنع الجمهور المتعطش للفن من حضور عرض الفرقة السمفونية الوطنية على مسرح خشبة الأوبرا أول أمس، في الأمسية الأولى بعد التشكيل الجديد الذي طرأ عليها من حيث القيادة والتوزيع والبرنامج، إذ انضم إليها عدد جديد من العازفين إضافةً إلى عودة عازفين كانوا خارج الفرقة ليصل عددهم إلى سبعين عازفاً وعازفة.
الفرقة بقيادة الأستاذ أندريه معلولي الذي أظهر تمكناً واضحاً في قيادة الفرقة لاسيما أنه كان مساعداً للمايسترو صلحي الوادي في إحدى المراحل، وهو مؤسس وقائد أوركسترا أورفيوس كانت نقطة في بداية السطر وانطلاقة أوسع للفرقة التي نجحت طيلة سنوات بقيادة الأستاذ ميساك باغبودريان، ومثلت سورية في المهرجانات العالمية، كذلك كانت نقطة في أول السطر للجمهور الذي اعتاد على وجود قائد واحد للفرقة رغم إشراك قادة آخرين في الأمسيات كضيوف، هذا القرار الذي أثار جدلاً في الأوساط الثقافية واستفسارات وتساؤلات لدى العامة، وفي النهاية أية مؤسسة يطرأ عليها التجديد والتطوير والفرقة أشبه بمؤسسة صغيرة، وكما قال د.جوان قرة جولي المدير العام لدار الأسد:”يوجد في كل الفرق السيمفونية العالمية قائد عام وقادة مساعدون” واهتمام العامة يؤكد أن الموسيقا غدت طقساً حياتياً أساسياً وأن الموسيقا الكلاسيكية ليست موجهة للنخبة فقط من خلال تواصل الفرقة السيمفونية مع الجمهور عبْر أمسيات متتابعة في برامج مختلفة.
تميزت الأمسية بحضور كبير بحضور وزير الثقافة مع عدد من العاملين في وزارتي الثقافة والإعلام مما يدل على التشاركية في المشهد الثقافي، والأمر اللافت أنها كسرت جمود التأمل والإصغاء وكسرت المألوف. واختتمت الأمسية بالنشيد العربي السوري والتحية لأرواح الشهداء جميعاً. .
وكالمعتاد بدأت الأمسية بافتتاحية حيث اختار معلولي مقطوعة “الغراب السارق” لجوكينو روسيني التي تعبّر عن دور جميع الآلات كأبطال أساسيين، وإن بدت الحصة الأكبر للآلات النفخية النحاسية بالتحاور مع الآلات الوترية عبْر متتالية سؤال وجواب، اُتبعت بمشاركة غادة حرب مغنية سوبرانو التي جذبت الجمهور بأدائها التعبيري الرائع والذي عكس معاني الأغنية على ملامح وجهها وحركات يديها إلى جانب جمال صوتها في أغنية من أوبرا فتيات قاديشا مضت مع مسار اللحن الإسباني، لكن المفاجأة الأكبر كانت في تجسيدها جزءاً من الأوبريت التمثيلي الغنائي الدمية أوبرا حكايات هوفمان للمؤلف جاك أوفنباخ، أدت دور الدمية أولمبيا وتسرد حكاية حب افتراضية يعيشها هوفمان مقتنعاً بأنها فتاة حقيقية يراها بنظارته.
والأمر المثير توقف أولمبيا عن الغناء ليعيد المفتاح (الزنبرك) صوتها من جديد، حكاية هوفمان يقرؤها المتلقي وفق تحليله فربما تعني الوهم الذي تعيشه لنكتشف في النهاية أنه سراب، في الرقصات الهنغارية 1-5 تبدو الحركة الإيقاعية سريعة من خلال الآلات الإيقاعية، كما درج بالبرنامج مارش سلاف لبيتر تشايكوفسكي الذي يحكي قصة الحرب بين تركيا وصربيا من خلال تصاعد الألحان المنبعثة من آلات النفخ النحاسية.
أما مفاجأة الحفل فكانت هدية من قائد الفرقة أندريه معلولي إلى الجمهور بإشراكه فعلياً بمقطوعة راديتسكي مارش للمؤلف شتراوس بالعزف بالتصفيق مع الفرقة، فتناوبت العصا السحرية بين العازفين والفرقة في متتالية حبّ مشتركة للحياة، وتوجه معلولي بالشكر العميق للجمهور الداعم الأساسي للفرقة كما قال.
ملده شويكاني