جمانة شجاع تتحدى زمن الخوف في “ظلال الروح”
تجسيد جسد المرأة حاملاً للفرح هو ما اشتغلت عليه الفنانة التشكيلية جمانة شجاع في معظم أعمالها الفنية وفي معرضها الفني الأول الذي افتتحته في المركز الثقافي العربي بحضور نخبة من فناني المحافظة والمهتمين فيها، مبتعدة عن الابتذال لتأتي بمشهد متناغم بين الشكل والمضمون، مسخّرة كل أدواتها للوصول لهذه الحالة من الرومانسية الخالصة فكان الجسد الأنثوي في لوحاتها حمّال الفرح لديها فاختارت عنوان له ظلال الروح لتعبر عن الفن المنبثق من المحموم ذلك الشغف الموله بالحياة.
ألوان الأنوثة
وتصر شجاع في لوحاتها- كما رآها كثيرون -على تلك للوحة المستمدة من الموسيقا لتقديم القصيدة اللونية الرائعة. ففي لوحة جمانة نقرأ تلك العناصر الجمالية التي هي مدار محاور لوحتها، في الأشكال تلك الأجساد النسوية الحالمة مرة والخجولة مرة أخرى، فيما التكوينات جاءت بأمداء واسعة توحي بالفرح دائماً، والبعد عن التكديس، أو بما يوحي بالغم والضيق، ونقص الهواء، أكدت كل هذه الجماليات تلك الخطوط المنحنية، والملتفة للإيحاء بالأشكال المتكورة بالرقة، والنعومة، والأنوثة. اختارت لكل ذلك تلك الألوان التي تشف بألوان الأنوثة حتى تلك البنيات التي تنتشر في بعض اللوحات الأخرى، فهي تأتي بتلك الحالة من الشفافية والتوشيح، لتضع توقيعها بتلك الإضاءة المنتشرة، تلك الإنارة الخجولة في الفصول الانتقالية التي لا ظلال فيها، وذلك للإيهام بنزع الواقعية عن التجسيدات المرئية، وبمنع بروز المرجعيات الزمنية، رغم كل هذه اللعبة الفنية،غير أن شجاع بقيت تربط كل تلك المشاهد الجمالية بحبالٍ واقعية للعالم من حولنا، لكنها معطيات واقعية محمولة برموز ثقافية أكثر مما هو نقل ونسخ للواقع أو عنه وذلك بالذهاب صوب حالة من الأسطورة أو السريالية الحالمة، وهو عالم جميل بكل الأحوال.
تقول شجاع أن “ظلال الروح” وهو العنوان الذي اختارته لمعرضها هو انعكاس لحالة التفاؤل والسعادة في زمن اليأس والخوف فكانت اللوحات الثلاثين في المعرض حالة تحدٍ للخوف الموجود في داخلنا عبر ألوان زاهية تعكس الأمل بمستقبل مشرق.
رقص على مسرح اللوحة
يقول الفنان شاهر صغير الذي قرأ لنا لوحات شجاع قراءة متأنية أن هناك ثمة خطوطاً وكتلاً لونية، وحتى ضوء اللوحة، ثم الحركة التي تشتغل عليها طول الوقت، حتى تكاد تكون لعبتها الفنية، كل تلك العناصر ستتضامن لهدف الفرح الذي يذهب باتجاه حالة صوفية سابحة باتجاه التعالي، ربما من هنا ستكون رقصات الباليه ما تشد الفنانة صوبها، وأحياناً المولوية، وطوراً تمزج بين الشكلين من الرقص لتأتي برقص خاص هو شغل الفنانة شجاع الذي سيُفارق كثيراً ما اعتاد المتلقي مشاهدته على خشبات مسرح الرقص في العالم، أو خلال حلقات الدراويش. وكانت الألوان الوردية والفيروزية الساطعة والخطوط المتلاشية تأكيد للحالة الحالمة عندها وذلك بالتكويرات والخطوط الحانية، والالتفافات طوراً، أو بتلك الألوان المفعمة نعومة ورقة حيناً وتميزت أيضا عندها الحالة النسوية الملونة التي سبغتها شجاع على تكويناتها الأخرى غير التشخيص الأنثوي في اللوحة، حيث برز العنصر النسائي في اللوحات مدعّم بحركات فنية استعراضية مع خلقيات ضبابية متلاشية وهذا أعطى حساً رومانسياً شاعرياً عكس عنوان المعرض وهو ظلال الروح، والعمل هو عنوان آخر يمكن أن نعطيه لتلك الأعمال التي تحمل بين ألوانها الفرح وحب الحياة والأمل وعكست حالة تفاؤل عند الفنانة التي تنوعت أعمالها بين التجريبي والتعبيري والواقعي فتراقصت أناملها على خشبة مسرح اللوحة بدقة وإتقان لتعطي أعمالا فنية تجذب القلب قبل العين في كثير من الأحيان.
رفعت الديك