بعد منتدى حافل بالأفكار لتعزيز البنية المعرفية والأخلاقية للمواطن السوري أما آن زمن الأفعال يا سادة!

بقطعة أدبية يحمل بعض مناحيها الشعر، رحب الأستاذ “عصام خليل” وزبر الثقافة، بالمشاركين والضيوف والحضور الذين حضروا فعاليات افتتاح اليوم الأول من المنتدى الحواري الذي تقيمه وزارة الثقافة والهيئة العلمية للبحث العلمي، تحت عنوان “تعزيز البنية المعرفية والثقافية والأخلاقية للمواطن السوري”.
المنتدى يهدف إلى تبادل الأفكار والخبرات ومناقشة البنية المعرفية والثقافية والأخلاقية للمواطن السوري والخروج بمقترحات علمية وعملية تخدم برنامج إعادة الأعمار، الهدف عظيم ولاشك لكن مشكلته فقط أنه تأخر نقاش كيفيته وكيفية الوصول إليه للوقت الذي كان من المفروض بنا أن نعمل على تحقيقها أو تحقيق بعضها والانطلاق في بعضها الآخر بأقل تقدير لا على نقاشها!، فالقضية قضية وجود، نكون أو لا نكون كما أكد د. “غسان عاصي” رئيس الهيئة العلمية للبحث العلمي في كلمته.
اليوم الأول من المنتدى الذي أدار جلسته الأولى الدكتور “مهدي دخل الله” حملت أربعة عناوين عريضة تعنى بالحالة الثقافية عموما مع التركيز على بعض أهم مفاصلها، المتعلقة منها بشكل خاص بالعمل المؤسساتي المسؤول عن بناء الحالة الثقافية في البلاد، تناولها كل من “د. محمد عبد الستار السيد” وزير الأوقاف” الذي تحدث عن دور المؤسسات الدينية في تعزيز البنية الثقافية للمواطن السوري وتحدثت الأديبة “كوليت خوري” عن دور المؤسسات الإعلامية والدكتور علي القيم عن دور المؤسسات الثقافية في تعزيز هذه البنية، بينما ذهب د. “حسن جمعة” للحديث عن ترسيخ مفهوم الهوية والمواطنة “الحقوق والواجبات والانتماء الوطني” في الثقافة والإعلام.
في الحقيقة إن تقديم تقرير مفصل عن وقائع هذه الجلسة وما جاء فيها من معطيات طرحها المحاضرون في مداخلاتهم، لن يأتي بجديد عما طرحته غيرها من الجلسات والمنتديات الحوارية التي أقيمت على مدار السنوات الخمس التي مرت من عمر الأزمة التي ترزح تحت وطأتها البلاد، فالأزمة الحاصلة بتشعباتها الثقافية والاجتماعية والدينية والأخلاقية، هي وبإقرار المحاضرين ليست وليدة الأمس، أي أن مفاعيلها على أرض الواقع الآن ومنذ خمس سنوات، ليست إلا نتاجا لمسببات جرت في مراحل سابقة، وبالتالي فإن الحديث في نفس العناوين بعد خمس سنوات من عمر الأزمة هو تكرار المكرر، وما قلة الحضور الذين اقتصروا على بعض الإعلاميين وبعض الشخصيات الرسمية من مدراء عامين ورجال سياسة ودين، إلا دليلا حقيقيا عن إحباط السوريين من واقع المراوحة عند الجلسات والحوارات والمناقشات التي لا تأتي بجديد عن سابقيها، فالمنتدى الذي سيمتد على يومين والذي يتضمن العديد من المحاور الأخرى “كالمحور التربوي والتعليمي والمحور الاجتماعي والسكاني” سيخرج بتوصيات ومقترحات لتفعيل دور كل من المؤسسة الدينية والثقافية والإعلامية بشكل أكثر فعالية في تعزيز البنية الثقافية للمواطن السوري، كما خرجت عدة منتديات وجلسات حوارية بتوصيات ومقترحات وهكذا.
وإذا توقفنا عند أهم ما خرجت به فعاليات الجلسة الافتتاحية نقرأ تأكيد الحضور جميعاً على أن الوقت حان للعمل وأنه لا كلام بعد اليوم بل أفعال، عل وعسى نستطيع أن نلحق بركب المجد الذي يسطره رجالات وأبطال الجيش العربي السوري بدمائهم، ففي الوقت الذي كان يجمهر فيه لهذه الجلسة، كان رجال الحق ينشرون النور على “كويرس” ممرغين أنف الداعشيين بالوحل، قبل أن يفكوا الحصار عن مطار كويرس.
المقترحات والتوصيات الجادة للخروج من واقع ممزق كالواقع الذي نحياه لا يكون بتوصيات تخرج من منديات تطرح ما هو مطروح وتعيد ما هو مؤكد عليه، بل هو يأتي نتيجة دراسات عميقة وجادة ودؤوبة، تؤخذ فيها جميع أسباب المشكل الأخلاقي في المقام الأول، هذا المشكل الذي نستطيع أن نصفه بأنه واحد من أهم وأخطر مفاصل الأزمة اليوم.
ومشكل خطير كهذا لا تحله عدة مداخلات مدة الواحدة منها عشر دقائق، بل هو بحاجة لجهد وعرق ووقت ليس بالهين أبدا، بحاجة لمؤسسات وعلماء ومفكرين وسياسيين وأدباء… وغيرهم من مختلف شرائح المجتمع السوري، ولو كان حل هذا المشكل الخطير ممكن في منتديات مماثلة، لكنا الآن منتهين من كافة أزماتنا ومشاكلنا بل وحتى مشاكل غيرنا.
فتحية العز والإكبار والفخار والسلام كل السلام والمجد كل المجد لأهل القول والفعل الذين لولا عظم ونبل أخلاقهم وثقافتهم وإنسانيتهم وزكي عبير دمائهم، لما كان لهذا المنتدى وغيره أن يقام، أيضا بإقرار الجميع.
تمام علي بركات