ثقافة

الواسطة.. حين تصبح كارثة !.

أكرم شريم
إذا أردنا الحديث عن الوساطة بين الناس وهي المعروفة عند العامة بالواسطة والتي بعضها إيجابي كأن تساعد الإنسان للوصول إلى حقه، أو تسهيل ذلك له، وبعضها سلبي وضار، وأحياناً خطير وله نتائج كارثية، وعامة، وشاملة أيضاً، كأن يحصل إنسان ما على ما ليس له قانوناً، أو ما لا يستحقه، أو ماهو مقرر لغيره، والأمر ليس كذلك وحسب، بل إنه أن تضع من ليست لديه المؤهلات الصحيحة والحماسة للعمل الحقيقية، والنابعة من الدافع الذاتي، المبني على مجموعة من العوامل ومنها وأهمها حرصه على عمله وعلى تطوره في عمله وعلى رضى مرؤوسيه ورؤسائه في العمل كي يتسنى له الاستمرار بارتياح وسعادة وبالتالي الشعور بالاستقرار الدائم في حياته وعمله!.
أما إذا كان يعتمد على عامل (الواسطة) وأن له من يدعمه وليس له أبداً من يستطيع محاسبته أو نقله أو وضعه عند رئيس في العمل يضبط عمله ويحاسبه ولا يتركه إلا في المكان الأقل احتكاكاً بالمواطنين والأقل ضرراً عليهم!. فهذا الإنسان في حال استمر في أدائه لعمله بهذه الطريقة من التعالي وعدم الاهتمام بالمصلحة العامة ومصالح المواطنين، وإنما بمصالح الخاصة ومن يعرف ويدعم وباستمرار، فإن وجود مثل هذا الموظف في حياتنا، وهو قليل والحمد لله، وإنشاء الله، يعني أن كل مرؤوسيه ضعفاء الأداء والخدمة وكل رؤسائه من النوع الذي يسكت ويتغاضى عن مصالح المواطنين والمصلحة العامة عموماً وهذه هي الطامة الكبرى!. وأنا لا أتحدث هنا عن مكان معين، ولا عن دائرة بعينها، ولا عن مدينة محددة، ولا حتى عن بلد أو دولة نعرفها، وإنما عما يمكن أن يحدث وفي أي مكان أو دائرة أو مدينة أو بلد، إذا انتشرت هذه المشكلة العامة وتكاثرت الوساطات، وفي كل مكان وزمان في الحياة العامة، فماذا سيحدث، وكيف سينتشر الضرر العام في كل مناحي الحياة وتتشكل هذه النتيجة السلبية من هذه المقدمات السلبية؟!.
ولنتساءل هنا، وبروح وطنية مسؤولة هذه المرة: ماذا يحدث حين يضعون في أي بلد من البلدان، أنصاف الخبرات مكان أصحاب الخبرات وماذا تكون قد فعلت بناء الواسطة وبالذات حين تكون منتشرة بيننا وفي حياتنا؟!. وماذا ستكون النتيجة والأخطر جداً، حين يضعون أصحاب أرباع الخبرات مكان أصحاب الخبرات في حياة المجتمع كله، أو أي مجتمع كان؟!.
والأهم من ذلك حين تنتشر الواسطات وتتكاثر وتصبح كل القرارات الإدارية العامة، من خلالها، من المؤكد أن ذلك سيترك تأثيره الكبير والخطير على كل مجالات العمل الكبيرة والعريضة والهامة!. وذلك لأنه وكما رأينا ونعلم فإن كثرة الواسطات تضعف الخبرات، وبالتالي تنشر الضعف في حياة المجتمع والتراجع في كل المجالات وخاصة التي من المفروض أن يكون فيها تطور وتقدم دائمين، مثل الرقابة العامة على اختلاف أنواعها ومجالاتها ومعها المحاسبة كذلك، ووقتها نكون نعمل في حماية المستهلك والمنتج معاً!.
وهكذا تكون النصيحة اليوم إن انتشار الواسطة في أي مجتمع من المجتمعات سيجعل التراجع بل والتدهور ينتشر في معظم المجالات إن لم نقل كلها وبالتالي يبدأ التدهور الكارثي في حياة هذا المجتمع، وتماماً كما يريد ويخطط أعداؤنا وأعداء الشعوب!.