قدسية العَلَم وثقافة التّرفع به
منال محمد يوسف
ويسموّ بنا الكلام، ويظهر اللفظ في أوج عزّه وأوج تألقه, أوج الحالة الوطنية السامية عندما نلفظ اسم العلم (علم بلادي) الذي لا يُستبدل بكنوز الدنيا ولا بأعلامٍ طارئة على خرائط لنا لا تريد إلاّ علمنا, لا تريد إلاّ مبجّلات ألوانه, مبجّلات نجمتيه, ذلك الشيء القدسي الذي هو الأقرب إلينا، هو تلك الدماء التي تجري في الوريد, في أفقٍ مزدان بخفق الوداد، خفق الروح في سبيل الشيء الكبير, الشيء الذي يمثل اللحن العظيم، ويسموّ بنا الكلام عندما نتذكر نجمتي المجد إذ وضعتا بين خافقي القلب الذي يجب أن يُفتدى بالروح والدم.
لا أعرف لماذا كل الكلمات تبدو هاربة وخجولة من سموّ ما نتحدث عنه،لانعرف لماذا كل الشفاه تتجه لتضع قبلات مقدّسة الوعد بين ألوانك القدسية, بين البيارق إذ رفرف بها العزّ، وأقام فرائض مجده وصلّى كل أوقاته احتراماً لشيءٍ مقدس اسمه العلم, الشيء القدسي الذي لا يُسمح بالاقتراب منه إلاً تحبباً وتيمناً.
ويسموّ الكلام بذاك العلم ونجمتا الوطن المقدس, الذي لا نرتضي إلاّ أن يكون ذاك العلم هو الذي يمثلنا, ونحيا بقوة وجوده, وإشراقة العزّ إذ حيّا, فالعلم هو ثقافة التجذّر مع نبض الأرض, نبض الحياة التي تجلّلها الكرامة, الكرامة الحقيقية التي تظهر من خلال التماع صورة العلم، والتماع صورتنا من خلاله, من بينات خفقانه المرتجى.
ويسموّ الكلام ونسمو بذكرك أيها العلم, نسمو بالحروف التي تكتب من أجلك, بالتضحيات التي تُبذل لكي تبقى خفاقًاً تسكن جنبات الأعالي، لكي يبقى بين نبضات الروح اسمك العالي بلسماً يداوي الجروح، ويجعل عطر الحياة يسكنُ في كل الورود، يجعلها مباركة بقداسة اسمه وألوانه وذكره، سمو الوعد الذي يأتي إلينا عندما نذكره ونضعه فوق كل اعتبارات الحياة, عندما نرحلُ من أجله, نرحلُ إليه لنقتبس النبض من خلال الخفقان, نرحلُ ونعلنُ الانتماء إلى الأرض التي أنجبت أبطالاً, إلى زمنٍ من العزّ قمحه لا تذبل سنابله وشمسه لا تهرم, وحكاياته لا تشيخ بل تتقد بالانتماء إلى قداسة الاسم وروعة المعنى.
تعالى اسمك القدسي بين خافقي الروح، تعالى على حدود الزمن إلى حيث كل الروايات التي تختصر حكايات المجد المعتق بلونيه الأخضر والأحمر المعتق ياسميناً، ويسموّ بنا الكلام عندما نتحدث عن ثقافة العلم والتّرفع به عند بداية اللفظ ونهاية القول, عند اسمك تقف الحروف في حيرة من أمرها كيف تكتب عنك, عن نبل المعنى الذي يلتحق بك, عن سمو الكلام الذي يتحدث عنك، يسموّ وما بين حرف وآخر نرى الوطن وتاريخه وجغرافيته نرى كل شيء يقتبس أنوراه القدسية من ألوانك، وكيف هو الحال إذ وضعنا صورتنا ضمن إطارك المقدس؟!
ضمن سطور الحياة كتبنا اسمك, كتبنا قصة الانتماء لثقافةٍ علينا استحضارها في كل أوقاتنا, يجب أن تكون محور كل انشغالاتنا واهتماماتنا، يجب أن تنصهر في بوتقة ثقافة العلم.