الفردوس المفقود
نشرت وكالة (سبوتنيك) الروسية للأنباء مجموعة من الصور عن سورية قبل آذار 2011 أطلقت عليها عنوان (الفردوس المفقود) وغطت هذه الصور تفاصيل الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للسوريين، وعبرت بشكل مؤثر عن تحول وجه هذا البلد الآمن والمستقر الذي ينبض بالحياة والبهجة والحيوية إلى وجه للقتل والدم والدمار منذ انطلاق ماسمي (الربيع العربي)
قبل نشر تلك الصور بفترة قريبة كتب رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف على يومياته أنه زار سورية في عام 2010 أي قبل اندلاع الحريق أو الربيع العربي بفترة بسيطة، وتجول في مدنها وزار أسواقها وتأمل في وجوه ناسها ورآها بلدا آمنا مستقرا ومزدهرا يمشي بثقة نحو المستقبل. فماذا أبقت (الثورة والثوار) من كل تلك الطمأنينة والسلام الداخلي؟
سيذكر كل سوري ممن لم يفقد الذاكرة كيف كان يعيش بأمن وسلام ويقطع سورية من جنوبها إلى شمالها وشرقها من صحرائها إلى بحرها وجبالها دون أن يوقفه شرطي ليسأله عن هويته. كيف كان الجميع نساء ورجالا يسهرون حتى ساعات الصباح ويعودون إلى بيوتهم قربت أم بعدت دون أن يعترضهم أو يزعجهم احد ويعتبرونه أمرا عاديا في الوقت الذي كان هذا الأمر يثير دهشة الأجانب! فماذا أبقت الثورة من كل ذلك؟
تدمر مدينة الشمس وجوهرة البادية السورية، والمدينة الأكثر شهرة في العالم والتي كان الأوربيون يحلمون بزيارتها ويخططون سنوات لتحقيق هذا الحلم، أصبحت تحت غزو واحتلال اخطر تنظيم إرهابي في العالم ولا نعرف حتى الآن ما الذي فعله بأوابدها وآثارها ومعابدها؟
هل نبكي على حلب وجوامعها وكنائسها وأسواقها التراثية التي استباحها الغزاة الجدد والذين تفوقوا على هولاكو المغولي الذي دمرها عام 1290 ميلادية ثم تلاه الدمار الثاني على يد تيمورلنك في عام 1400 ميلادية.
لقد تفوق الغزاة الجدد في التدمير والقتل على كل من قرأنا عنهم في التاريخ القديم والحديث ووباء الإنسانية الجديد هو الإرهاب الذي تمثله داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تمتد ذراعها لتقتل في كل البلدان والمدن دون تمييز، وفي كل يوم تبتكر أساليب أكثر دموية ووحشية، وعلى الرغم من كل الصور المرعبة التي تتعمد التنظيمات الإرهابية نشرها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يجب أن نملك الأمل والثقة بأن الإنسانية قادرة على اجتراح دواء كما فعلت دائما في مواجهة الأوبئة القاتلة والأهم أن نملك الثقة كسوريين بأن الغزو الذي تتعرض له بلدنا لن يفقدنا الإيمان والقدرة على المواجهة وبأننا سننهض كطائر الفينيق لنستأنف دورة الحياة كما فعلنا دائما عبر التاريخ.
سلمى كامل