دراما عربية مشتركة
أمينة عباس
يعتقد كثيرون أن ما يصوَّر اليوم من أعمال تلفزيونية سورية لبنانية مشتركة في بيروت هي أولى ثمار التعاون الدرامي البينيّ بين فناني الدول العربية، ويبنون على اعتقادهم هذا الكثير من النتائج الخاطئة لأنها تقوم بالأساس على معطيات خاطئة ومعلومات تفتقد الدقة فيما يتعلق بتاريخ التعاون الفني الدرامي بين الدول العربية والفنانين العرب.. والواقع أننا ومن خلال التاريخ المؤرشَف للدراما العربية تلفزيونياً وسينمائياً نستطيع أن نرصد أربع مراحل أساسية من هذا التعاون، كان الفنانون السوريون فيها حجر الأساس والمساهم الأكبر، ويمكن القول هنا أن الفضل الأول لهذا التعاون يعود إلى الفنانين دريد لحام والراحل نهاد قلعي اللذين كانا في أفلامهما السينمائية التي قدماها في الفترة ما بين منتصف ستينيات ومنتصف سبعينيات القرن المنصرم، يصرّان فيها على مشاركة أكبر عدد ممكن من الفنانين العرب، وبالتحديد من مصر ولبنان، فظهر في أعمالهما الكثير من نجوم الشاشة السينمائية في مصر ولبنان كفريد شوقي وكمال الشناوي وناديا لطفي ونجلاء فتحي ونيللي وشادية وسهير المرشدي وفريال كريم ونبيلة عبيد وناهد شريف وإيمان ونجوى فؤاد والعديد من الأسماء التي كان لها شأنها في ذلك الوقت.. أما المرحلة الثانية فتنحصر ما بين منتصف سبعينيات ومنتصف ثمانينيات القرن الماضي حينما راحت استوديوهات أثينا في اليونان وعجمان في الإمارات العربية وعمّان في الأردن تنتج عدداً كبيراً من المسلسلات، فكان خيار المخرجين السوريين والعرب الذين تعاونوا مع تلك الاستوديوهات الاستعانة بأكبر قدر من الفنانين العرب في أعمالهم ضماناً لتسويقها في مختلف البلدان العربية، الأمر الذي انعكس إيجابياً على الفنان العربي الذي اتسعت دائرة شهرته لتتجاوز حدود بلده.. وبعد الفترة الذهبية لهذا النوع من الأعمال تراجع الإنتاج التلفزيوني العربي المشترك ليتأطر ضمن إطار تجارب فردية هنا أو هناك، أهمها التجارب التي خاضها فنانون سوريون منفردين في السينما المصرية كتجارب الفنانة سلاف فواخرجي على سبيل المثال، لتنطلق بعدها المرحلة الرابعة من هذا التعاون من خلال مشاركة فنانين سوريين في الأعمال التي تُنتَج اليوم في بيروت لكنها تبقى مشاركات ذات طابع فرديّ بعيداً عن أية رؤية إستراتيجية تخدم الفن السوريّ وفنانوه.
بكل الأحوال تبقى الإنتاجات العربية الفنية المشتركة مطلباً جماهيرياً عربياً قبل أن تكون مطلباً للفنانين العرب على أن تكون ضمن رؤية قائمة على الشمولية والتوازن لا الفردية والانغلاق.