ثقافة

” غوغل” صديقنا الثعلب

 

بشرى الحكيم

> نكاد نجزم أنّ الغالبية العظمى من الأهالي واجهوا يوماً ذات المشكلة مع الأبناء خلال سنواتهم الدراسية الأولى، إذ أننا نقترب كثيراً من فقدان السيطرة على زمام أمورهم بعد أن ينفتح أمام فضولهم مصدر جديد للمعلومة بعيد عن رقابة الأهل، يستحوذ على اهتمامهم  لسبب أو لآخر، ويقع لديهم حكماً في بند الأمور غير القابلة للنقاش “المعلمة قالت هيك”، لولا أنّ الأمر؛ لا بد يتم تداركه بالتعاون مع الإدارة المدرسية، وهو بالتأكيد يتوقف على مدى التعاون والمرونة التي تمتلكها، للوصول في نهاية الأمر إلى الغاية الأهم؛ وهو الفرد المتعلم المثقف الممتلك وعياً يتبين من خلاله مصلحة أمته قبل مصلحته الفردية.
لكن الأمر يزداد تعقيداً، وتزداد صعوبة التحايل على المشكلة، حين تصبح إمكانية الحصول على ما يشبع الفضول متعددة المصادر، أكبر وأشمل وأكثر تعدداً، مع استمرار إشكالية تفضيل البحث عن المعلومة وتلقف الخبر من الآخر، من قنوات إعلامية تتفاوت مواقفها، ودرجة موثوقيتها باختلاف من يقف خلفها، ممن باتوا خبراء في دس الدسائس، والمَكر، والخبث؛ تحت شعارات تندرج ضمن حرية الرأي والانفتاح المعلوماتي والإعلامي، وكله في سبيل تصدر المشهد العام حتى وإن كان الثمن أرواحنا وأوطاننا، والأمر غالباً عائد لانعدام الثقة بالمصدر الأقرب في تجسيد للمثل القائل: “زمّار حيّنا لا يُطرِب آذاننا”.
الأخطر هو ما يتم الكشف عنه يوماً بعد يوم؛ أن شبكات الإنترنيت العالمية، بما فيها أكبر خزّان للمعلومات في العالم “غوغل” والذي يعتمده الصغير قبل الكبير على امتداد الكرة الأرضية؛ كمصدر للحصول على أدقّ المعلومات، أنها تعمل بذات المنهجية التي اعتمدتها وسائل الإعلام في رسم خرائط إلكترونية تشجّع وتساهم في إزكاء نار الفتنة والفرقة وزيادة الشّقاق بين الأخوة على الأرض الواحدة، والأمر قد أحدث بلبلة في الأوساط الإعلامية والاجتماعية الغربية، فأين نحن منها في رد الفعل؟
صاحب موقع ويكيليكس كان ألمح مرات عدًة من خلال مقالات صحفية نشرها في العديد من الصحف الغربية إلى دور مشبوه تلعبه مؤسسات ووسائط معلومات إلكترونية حين قال: “إنها ليست كما تبدو لكم”. والأمر هنا يتعدى تفاهماً مع إدارة مدرسية قد تمتلك من المرونة الحد الأدنى أو لا، ويتجاوز إلغاء محطة إعلامية أو أكثر من حياتنا اليومية، الأمر يتطلب حداً أعلى من الثقة نعمل على تعزيزها تجاه ما لدينا من وسائل إعلامية ومصادر للمعلومات، ويتطلب بالتأكيد الوعي الكافي كي نتبيّن السم الذي يدسّه صديقنا الثعلب في العسل الذي يسيل على الشاشات “الإلكترونية والفضائية” باختلاف أنواعها.