ثقافة

بيت القصيد

سلمى كامل
تتحدث الكاتبة السورية في برنامج بث على إحدى الفضائيات التي تموّلها السعودية -وما أكثرها – عن إنتاجها وأبطالها، عن الأدب والطب وطقوس الكتابة عندها، لكن بيت القصيد ليس هنا بل في السؤال الذي يمرر عبر حوار طويل وبشكل غير مباشر عن موقف الضيف السياسي إذا كان سورياً: هل ضيّق عليه؟ هل اعتقل؟  سجن؟ عذب…؟.
الأديبة، والتي كانت ضيفة مكرمة تحتفي بها المهرجانات الوطنية التي كانت تنظم أيام الرخاء والاستقرار وتجمع الأدباء والفنانين من الدول العربية كلها، هذه الضيفة على القناة السعودية  تتلكأ في الإجابة، لكنها تريد اقتناص الفرصة فتجيب: نعم تعرضت لمضايقات بعد مقالات معينة نشرتها في صحف عربية، وهي أيضاً مملوكة للدولة نفسها التي تملك القناة وتشرح: الكاتب متهم حتى يثبت العكس والمطلوب تقديم براءة ذمة عن نوع المضايقات التي يتعرض لها الكتّاب. قالت الضيفة أنها قد تكون في الاعتقال أو منع السفر أو غير ذلك، لكن المذيعة الذكية لم تسألها وليس مطلوباً أن تسألها إذا كانت ممنوعة من السفر أو معتقلة، فكيف وصلت إلى القناة، هل أخذت إذناً من السجن أو من الجهات التي  تمنعها من السفر لإجراء المقابلة والعودة  سريعا إلى السجن؟
المشكلة ليست في أن يكون لك رأياً سياسياً معارضاً لهذا الفريق أو مؤيداً لغيره، بل في الكذب والافتراء والتجني الذي يمارسه بعض السوريين ضد بلدهم، حيث يجردونه من أية قيمة معنوية، ثقافية أو مادية فهو بلد القمع ومنع الحريات والفساد،  ومع كل ذلك ففي هذا البلد  مؤسسات ثقافية ومهرجان سنوي للمسرح والسينما والدراما – كان يحتفي بهؤلاء الثوار ويمنحهم الجوائز  قبل أن تقوم ثورتهم- وهناك أكاديمية للفنون المسرحية تخرج منها أو درس فيها هؤلاء الأبطال الذين يجاهدون الآن فكريا مع التنظيمات الإرهابية حتى أن احد الممثلين الأكثر شهرة واغتناما للفرص يقول -حسبما نقلت عنه مواقع التواصل الاجتماعي- انه مستعد أن يكون حاجبا يعد الشاي والقهوة حين تنتصر الثورة على أن يكون نجماً في ظل النظام الحالي، لكنه نسي أن ينتصر للشاعر السعودي الذي كان محكوما بالإعدام، لأنه نشر قصيدة، ولم يناصر الصحفي السعودي أيضا علاء برنجي الذي حكم بالسجن خمس سنوات بسبب تغريدة على تويتر ومنع سفر لمدة ثماني سنوات كما قالت منظمة العفو الدولية
ربما نسي هذا الفنان وغيره من الأسماء التي كرّسها الإعلام العربي المعادي  لسورية شخصيات معارضة أن نجوميتهم صنعت في سورية، ففي مدارسها وجامعاتها ومعاهدها المتخصصة درسوا، ومن تلفزيونها الوطني انطلقوا وأصبحوا نجوماً، ومواقفهم المعادية لسورية وليس للنظام وحده، لن تقدم أو تؤخر كثيراً حتى في الاستثمار السياسي الذي سعوا إليه، وكل المكاسب التي يحصلون عليها هي مزيد من الأموال التي تدخل إلى حساباتهم ثمنا لهذه المواقف، وهي لا تساوي نقطة دم سورية من أي مواطن أكان من المعارضة أو الموالاة، وقد حان الوقت أن يتوقفوا عن صب الزيت على النار.
ولعل السؤال الأساسي الذي يمكن طرحه في هذا السياق: ماهي مسؤولية المثقف تجاه بلده؟ وهل يمكن لإنسان طليعي أو حداثي بلغة المثقفين أن ينحاز لثقافة الإرهاب؟.