ثقافة

آلاء مصري زادة: الفيلم القصير اختبار حقيقي لإمكانيات الممثل

تعترف الفنانة الشابة آلاء مصري زادة بأن دخولها عالم السينما ربما ما كان ممكناً إلّا عبر سينما الشباب والأفلام القصيرة التي دعمتها المؤسسة العامة للسينما، في ظل العدد القليل من الأفلام الروائية الطويلة المنتَجة سنوياً، وتؤكد في حوارها مع “البعث” على هامش مهرجان سينما الشباب أنها سعيدة بمشاركاتها الثلاث “غرفة لا أكثر” إخراج علي الماغوط الذي عُرِض في دورة 2015 و”فتاة الشاحنة” تأليف وإخراج رولا بريجاوي و”الجاكيت” تأليف وإخراج أحمد شعبان والأخيران عُرِضا مؤخراً في الدورة الثالثة للمهرجان.

تحدٍّ لكل العاملين
وتبين مصري زادة أنها لم تتردد في مشاركاتها ضمن مهرجان سينما الشباب التي رأت فيها فرصاً لتروي تعطّشها كممثلة للسينما، إضافة إلى خصوصية المهرجان الذي يستهدف الشباب كتّاباً ومخرجين وهو المهرجان الذي يعنيها أولاً كونها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، ولأنها ممثلة شابة إلى جانب رغبتها في دعم زملائها الشباب في تجاربهم.
وعن التجربة بالعموم تشير مصري زادة إلى أن الفيلم القصير هو تحدٍّ لكل العاملين فيه حيث يجب أن يقول أشياء كثيرة أو كل شيء خلال مدة زمنية قصيرة، والجميل بالنسبة لها كممثلة أنه اختبار حقيقي لإمكانياتها وطاقاتها، خاصة وأنه يعتمد على عدد قليل جداً من الممثلين الذين تسلّط عليهم الأضواء أكثر مقارنة مع وجودهم في فيلم طويل مع عدد كبير من الممثلين، موضحة مصري زادة أن الممثل من خلال دوره في الفيلم القصير، وفي أفلام سينما الشباب يشارك في كل التفاصيل (أزياء-مكياج-ديكور) لأن المخرج في الفيلم القصير يأخذ رأي الممثل بالأزياء التي سيرتديها وبمكياجه وديكور المكان الذي يتواجد فيه، في حين أن المخرج في الأفلام الطويلة لا يعنيه ذلك فلا يدقق في تفاصيل كل فنان، وهذا كله برأي مصري زادة يمنحها الخبرة ويحولها لشريكة في العمل المنجَز.

حماس المخرجين الشباب
ولأن الشعور بالخوف يكاد يكون أمراً طبيعياً بالنسبة لممثل يريد أن يعمل تحت قيادة مخرج يُخرج لأول مرة، إلّا أن مصري زادة تؤكد من خلال تجربتها أن أهم ما يميز المخرجين الشباب هو حماسهم واندفاعهم واستعدادهم الدائم لإقامة حوار مفتوح مع الممثلين والعاملين معه، منوهة إلى أن تجربتها الأولى خاضتها بثقة كبيرة بعد أن جلست مع مخرجها علي الماغوط، ومن خلال الحوار الذي دار بينهما تعرفت على رؤيته الإخراجية وبدا لها أنه أبعد ما يكون عن دكتاتورية المخرج، وقد حاورها كثيراً وتبادلا وجهات النظر، وهذا ما طمأنها إلى جانب مستوى ونوعية الأعمال السابقة التي سبق وقدمها الماغوط، أما في دورة السنة الحالية والتي انتهت فعالياتها منذ أيام فتشير مصري زادة إلى أنها تعاونت من خلال “فتاة الشاحنة” مع رولا بريجاوي وهي مخرجة وثائقية، وفي “الجاكيت” مع أحمد شعبان خريج المعهد، وبالتالي كانت واثقة أنها تتعاون مع شباب لديهم الخبرة والمعرفة، مؤكدة مصري زادة أن الحوار الذي يتيحه عادة المخرجون الشباب يجعل الممثل مرتاحاً جداً ومطمئناً على ما سيقدمه، مبينة أن العلاقة بينها كممثلة وبين المخرج كلما كانت تشاركية وتفاعلية كانت النتيجة أفضل، فالمخرج القوي يصبح أقوى إذا كان معه ممثلون أقوياء، والممثل القوي يصبح أفضل عندما يقوده مخرج قوي يعرف ماذا يريد من الممثل.
أفلام صامتة
وباعتبار أن الأفلام القصيرة التي شاركت فيها مصري زادة كانت جميعها صامتة تنوّه إلى صعوبة هذه النوعية من الأفلام التي تتطلب من الممثل جهداً إضافياً كونه لا يستخدم الكلام كأداة للتعبير، لذلك تعتبر هذه المشاركات تدريباً حقيقياً لها لاختبار إمكانياتها كممثلة يجب أن تخوض كل الاختبارات، ولا تستغرب انتشار هذه الأفلام في المهرجان، خاصة وأن السينما بدأت من خلال الأفلام الصامتة، وهذه التجارب برأيها هي الخيار الأصح اليوم لأن الفيلم الصامت يرسل رسائل عديدة ويترك المجال للمتلقي ليحلل ويفسر، موضحة أن الأفلام التي شاركت فيها لم يكن فيها داعٍ للحوار، وإذا أضيف الحوار لها سيقلل من قيمة ما تقدمه، وبالتالي فإن اللجوء إلى الصمت في السينما هو الأفضل في حال عدم وجود الكلام المناسب والمعبِّر، مشيرة إلى أن الكثير من الأفلام المحشوة بالكلام لا تنجح، وقد يكون الأمر مقبولاً نوعاً ما بالنسبة للأعمال التلفزيونية.. من هنا تشجع الأفلام الصامتة وترى أن أغلب المخرجين يذهبون باتجاه هذا الخيار لأن الصمت في السينما يغني الموضوع أكثر من أي حوار.

سينما المؤلف
وعن ظاهرة سينما المؤلف المنتشرة في مهرجان سينما الشباب تبرر ذلك بأن الكاتب يكتب أحياناً فكرته فيأتي مخرج وينفذها بطريقة مخالفة لما يريده الكاتب، ولأن بعض المخرجين نفذوا نصوصاً بشكل مختلف عما يريده الكاتب والنص انتشرت ظاهرة سينما المؤلف في سينما الشباب، حرصاً من الشباب على تقديم تجاربهم بالشكل الذي يرونه صحيحاً، وكشابة تأسف مصري زادة لأن العديد من المخرجين الشباب يعتمدون في تنفيذ تجاربهم الشبابية الأولى على ممثلين نجوم لرفع سوية هذه التجارب، في حين أن هذه التجارب يجب أن يستفيد منها الشباب كتّاباً ومخرجين وممثلين، مع اعترافها أن الممثلين الشباب عادةً ما يملكون حماساً واندفاعاً أكبر رغبةً منهم في إثبات ذواتهم، لذلك يتعاملون مع هذه التجارب بجدية بالغة وحرص كبير، فيبحثون ويدققون في أبسط التفاصيل أكثر من النجوم الذين ركنوا لنجوميتهم في تقديم ما يرونه مناسباً، موضحة مصري زادة أن الأفلام السينمائية القصيرة تلبي حاجتها للسينما في الوقت الحالي وأن الأعمال التي شاركت فيها زادت من خبرتها السينمائية، ولذلك تلمست التطور الذي طرأ عليها كممثلة من الدورة الماضية إلى الدورة الحالية، وهذا كله بفضل الملاحظات التي توجه إليها وتستفيد منها، وتتمنى في الدورة القادمة للمهرجان أن تشمل مسابقة المهرجان التي تتضمن مسابقة أفضل كاتب وأفضل مخرج وأفضل عمل سينمائي مسابقة أفضل ممثل لتتاح للممثلين الشباب فرصة الفوز.

أمينة عباس