ثقافة

«نشوء اللغة العربية».. دعوة إلى إعادة النظر في قواعد الفصحى

عندما قرأت عنوان المحاضرة” نشوء اللغة العربية” للباحث في اللغة العربية مروان الخطيب في ثقافي كفر سوسة، افترضت أنني سأكون أمام عرض تاريخي لا أكثر لمراحل نشوء تلك اللغة، بالاعتماد على بعض المصادر التقليدية من كتب التاريخ والتي تتضمن في أحيان كثيرة معلومات متضاربة، لكن الواقع كان مختلفاً، فما قدّمه الخطيب كان في جزء كبير منه خلاصة بحثه ودأبه المستمر في سبر أغوار اللغة السورية الأم، ودعوة حقيقية للعودة إلى تلك اللغة التي اشتقت منها لغات ولهجات أخرى، وقد أكد الخطيب -الباحث في علوم القرآن والمذاهب- على أهمية أن نميز، خصوصاً في الفترة التي نعيشها اليوم، بين اللغة العربية الأم واللهجات الأعرابية التي ليس لها علاقة لا من قريب أو بعيد باللغة السورية. واعتبر الخطيب موضوع التعريب وتبادل المفردات اللغوية أمر إيجابي، حيث الكثير من مفردات العربية دخلت لغات أخرى كما دخلت مفردات من  لغات عدة إلى العربية، وهذا ليس انتقاصاً من شأن العربية، بل تأكيد على أنها لغة حضارية استوعبت كافة الحضارات المجاورة وأخذت منها وأعطتها.
ومن أهم دوافعه لتقديم المحاضرة كما قال الخطيب الهجمة الشرسة التي تتعرض لها اللغة العربية من مثقفين سوريين، والهجمة على القرآن الكريم أيضاً، فقدم عرضاً لبعض النظريات التي تصدت لنشوء اللغة الإنسانية، والتي لم تتفق على رأي محدد حول ذلك كما فرق بين كلمتي عرب وأعراب اللتين ورد ذكرهما في النقوش القديمة، فالأولى كما يرى الخطيب عبارة عن اسم منطقة جغرافية في حين الثانية أعراب والتي ذكرت 10 مرات في القرآن الكريم هي اسم جنس تطلق على أهل البادية، والأعراب بنية اجتماعية ولغتهم تمتاز بالكشكشة والطمطمانية والاستنطاق..
ويعتبر الخطيب الفكرة التي تقول أن العرب جاؤوا من اليمن وتوزعوا على الجزيرة وانقسموا إلى ثلاثة أقسام هي أسطورة لا سند لها بالمطلق. كما تحدث عن ولادة اللغة الفصحى والعوامل التي ساهمت في نشأتها، وقسم ذلك لمراحل عديدة منها: لغة عربية فصحى عباسية: وهي لغة المعاهدات والمراسلات الرسمية التي قام بصناعتها مجموعة من كبار علماء اللغة، من الفرس الذين وضعوا قواعدها ونقطوها وشكلوها لتكون لغة ثقافية ودينية لإمبراطورية واحدة من الجهات التي ذكرها، وكان لها تأثيرها هي دار الحكمة التي تأسست على يد أبو جعفر المنصور، ومدرسة الكوفة التي تفرعت عنها المدارس البغدادية والأندلسية والبصرية، كما تحدث عن المعلقات التي تعود إلى الأدب العباسي والتي نسبت للأعراب لرفع شأنهم. أيضاً تحدث الخطيب عن التسييس الذي طال قواعد اللغة العربية الفصحى فدعا إلى ضرورة إقامة مؤسسة أو مشروع على مستوى سورية يضم علماء  يعيدون النظر في قواعد اللغة المسيّسة والإعراب، والأخطر معاني بعض مفردات اللغة الفصحى ومنها ما ساهم في تدمير الأمة الإسلامية.

جلال نديم صالح