ثقافة

عادل إمام ومحاولة جديدة لرفض التطبيع

فاجأ النجم العربي عادل إمام جمهوره في نهاية غير متوقعة للعمل الرمضاني الضخم “مأمون وشركاه” الذي توج ظهوره على الشاشة الفضية خلال السنوات الثلاث الأخيرة بالتشاركية مع يوسف معاطي والمخرج رامي إمام، والتي تميّزت بالكوميديا الهادفة التي تخفي حالة تراجيدية تتضمن رسائل خفية تعبّر عما يدور في المجتمع المصري، لتتناول قضية التصدي للتطبيع ورفضه والتنويه إلى وحشية الصهاينة.

بدا هذا واضحاً في أعماله السينمائية مثل فيلم “السفارة في العمارة”  وفيلم “دموع في عيون وقحة” إضافة إلى أعماله التلفزيونية ذات الإنتاج الضخم مثل “فرقة ناجي عطا الله”، لتتضح الصورة بشكل أكبر في “مأمون وشركاه” الذي تميّز بمشاركة فنية عربية وأجنبية مثل مشاركة الفنانين السوري جهاد سعد، والمغربي محمد مفتاح والفنانة المغربية مليكة حماوي، إضافة إلى الممثلين الإيطاليين مثل ميكول داميلانو بدور صوفيا، وليليانا ديل أكويلا بدور كريستينا، يتناول ظاهرياً ظاهرة البخل الشديد، ولكن بالتضمين الدرامي تمحور العمل حول التسامح والتعايش الديني عبْر تشابك الخطوط الدرامية للشخوص، الذين ينتمون إلى عائلة مأمون(الفنان عادل إمام) ويلتقون في القصر الكبير،ويعتنق كل شخص ديناً لتدور الأحداث وفق التعايش بين جميع الأديان مع وجود التطرف الديني من خلال شخصية الشيخ معتز- الممثل محمد لطفي- زوج ابنة عادل إمام- الذي ينتمي إلى الإخوان في صورة مصغرة عما يدور في المجتمع المصري في ظل الإرهاب. الأمر اللافت هو إظهار الاختلاف في الطقوس والعبادات، وتم التركيز على شخصية زوجة ابنه زكريا- الممثل خالد سليم- ووالدها ووالدتها وهم يمارسون شعائر الدين اليهودي.الإشكالية المثارة في العمل الذي تعرض لكثير من الانتقادات هي رفض التطبيع مع إسرائيل في إشارات واضحة في عدة مشاهد ابتداءً من القلادة -المزوزا- التي تضعها والدة زوجته، ونبهها زكريا إلى إخفائها كي لاتتعرض إلى مضايقات من المارة في الشارع، إلى شرح نيفين المرشدة السياحية -الفنانة هنا الزايد – في المتحف عن ثروات مصر التي كانت موضع إغراء إسرائيل، لتتضح الصورة أكثر في المشهد الذي تمّ فيه تفجير حول المعبد، لكن المشهد الأكثر إثارةً والذي يدل على عنصرية اليهود في حضور الحاخام إلى القصر في غياب الجميع لممارسة طقوس تعميد ابن زكريا وفق الدين اليهودي رغم أن والده مسلم ويجب أن يعتنق ديانة والده، وقد وظّف المخرج بذكاء الطقوس والتراتيل التي يقوم بها الحاخام بما يخدم العمل درامياً، رسالة العمل بدت واضحة كلياً في أحد المشاهد الأخيرة حينما يقرر زكريا السفر مع عائلة زوجته ومغادرة مصر تاركاً وراءه تاريخه وذكرياته ووطنه والعودة إلى حياته السابقة، لكنه لايقوى على ذلك، ليفاجئنا المخرج بعودته إلى أمه- الفنانة لبلبة- ووطنه متخلياً عن ابنه، لأن ارتباطه بوطنه أكبر من الارتباط العائلي، ليكون جزءاً من رسالة العمل برفض التطبيع والتعايش مع الصهاينة. ترى إلى أيّ حدّ نجح إمام وفريق العمل في إيصال الرسالة، والرد على كل الانتقادات التي وُجهت له من حيث إشراك اليهود والتطرق إلى الأديان.
ملده شويكاني