ثقافة

اللواء السليب في الدراما والأدب

أثارت دراما 2016 قضية انسلاخ لواء إسكندرون وأظهرت الغضب العارم الذي اجتاح سورية وأخرج أهلها إلى الشارع احتجاجا على هذه المؤامرة الظالمة التي تمت بين فرنسا وتركيا في عام  1939 أثناء مرحلة الانتداب الفرنسي على سورية.

قضية اللواء ظهرت في المشاهد الأخيرة من مسلسل باب الحارة الجزء الثامن، لتدخل دراما البيئة الشامية مناخات جديدة مازالت قائمة حتى الآن في حياتنا، حينما تعاطفت زعامات الحارات الشامية وتجمع الأهالي مع شريحة المثقفين بحضور واضح للمرأة، فخرجوا في مظاهرات عامة تندد بهذه المؤامرة، تلك المشاهد المؤثرة التي أوضحت تمسك السوريين بكل ذرة من ترابهم ورفضهم التدخل الخارجي بمصيرهم، وأوضحت في الوقت ذاته توحد أهل الحارة مع بعضهم ومحاولة الابتعاد عن أحزانهم الشخصية وخلافاتهم الخاصة في سبيل الوطن، فرأينا جميع عضوات الحارة وشبابها ونسائها ينددون بصوت واضح ضد المؤامرة، لتسدل الستارة على المشهد الأخير، ويكتب على الشاشة “اللواء سوري- سوري- سوري- وسيعود” تأكيداً من المخرج بسام الملا بإيماءة مباشرة إلى قضية اللواء السليب الذي شهد نزوح الآلاف من العرب المسلمين والمسيحيين، والكثير من الأرمن والأكراد والشركس والتركمان، الذين تركوا أراضيهم ومنازلهم وحياتهم الآمنة إزاء هذه المؤامرة، والمفارقة أن الأتراك لم يتجاوزوا 20% من عدد السكان الأصليين، ليخلّد التاريخ قصة انسلاخه عن الأراضي السورية، وتحفظ صفحات الأدب ألم النزوح والفراق، وتصف مسير قوافل المهجّرين كما وصفها د. إسكندر لوقا في رواياته من وحي ذاكرة حيّة متقدة ومن وحي إحساسه حينما كان طفلاً وغادر اللواء مع أسرته، وتعرض مع غيره من المنضمين إلى قوافل المهجّرين إلى كثير من الأذى من قبل العثمانيين، وليبقى اللواء خالداً في أشعار سليمان العيسى الذي وصف طبيعته وشجرة التوت في منزل عائلته الكبير ونهر العاصي ففاضت كلماته بدموع الحنين إلى مرابع طفولته، وبقي اللواء حاضراً في ألوان وهياكل لوحات د. حيدر يازجي الذي أصرّ على تسمية ابنته الكبرى لواء، في حين وثّقت الكاميرا التلفزيونية والسينمائية هذه الأحداث التاريخية بأفلام توثيقية. وقد أثارت درامانا في هذا العام كما رأينا قضية اللواء التي شدّت انتباه الناس إلى المؤامرة الظالمة والمجحفة بحق السوريين.
ومع مرور الزمن بقيت قضية اللواء حاضرةً دائماً في قلوب السوريين الذين لم تتوقف محاولاتهم بالمطالبة باسترجاعه، اللواء الذي يرتبط بنهر العاصي، وكان جزءاً من امتداد مساحة سورية، يشغل أيضاً مساحة في المشهد الإعلامي والثقافي وفي المنتديات الثقافية والاجتماعية التي يقيمها المجتمع المدني، وتقام في ذكرى انسلاخه ندوات تؤكد على المطالبة باسترجاعه ، والأمر المثير أن قضية اللواء مثل القضية الفلسطينية تنتقل من جيل إلى آخر وتسكن في قلوب الشباب كما سكنت في قلوب آبائهم وأجدادهم ولن تموت أبد، وستبقى موضع مطالبة ومساءلة.
ملده شويكاني